المأخوذ في لسان الدليل، فإن المعتبر في تحقق القدرة الشرعية هو أن يكون المكلف قادرا على الشئ عرفا، بحيث يعد عند العرف أنه قادر في مقابل العجز العرفي، فلو توقف تحقق المأمور به خارجا على مقدمات بعيدة المسافة بحيث يعد في العرف أنه عاجز، لكان المأمور به ساقطا عنه إذا قيد بالقدرة في لسان الدليل.
وهذا بخلاف القدرة العقلية المعتبرة في التكليف، فإن المعتبر فيها هو إمكان تحقق الشئ من المكلف ولو بمقدمات بعيدة المسافة، لأن العقل إنما اعتبر القدرة من حيث قبح تكليف العاجز، فمع عدم عجزه تكوينا يجب عليه فعل المأمور به، وهذا بخلاف القدرة الشرعية، فإن أخذها في لسان الدليل تكون كسائر القيود المعتبرة في الدليل التي يرجع في مداليلها إلى العرف، والعرف ربما لا يرى الشخص قادرا مع كونه قادرا عقلا.
وبالجملة: القدرة إذا أخذت في لسان الدليل يستكشف منها أمران:
(أحدهما) دخلها في الملاك. (وثانيهما) كونها عرفية، وأما إذا لم تؤخذ في لسان الدليل فلا إشكال في اعتبارها عقلا من جهة قبح تكليف العاجز من دون أن يكون لها دخل في الملاك، بل مع تمامية الملاك ربما يكون الشخص عاجزا فيسقط عنه التكليف، لكن لا لسقوط ملاكه بل لعجزه كما في جميع موارد التزاحم.
نعم يبقى في المقام إشكال، وهو أنه لم لا يجوز أن يكون للقدرة العقلية دخل في الملاك أيضا؟ ومجرد عدم أخذها في لسان الدليل لا يكشف عن عدم دخلها في الملاك، إذ من الممكن أن تكون القدرة كالبلوغ والعقل مما لها دخل في تحقق الملاك، غاية الأمر أن الشارع اكتفى عن بيانها بواسطة استقلال العقل باعتبارها، وهذا بخلاف البلوغ فإن العقل لا يرى قبحا في تكليف غير البالغ، فمن أجل ذلك اعتبره الشارع، وهذا بخلاف القدرة فإن اعتبارها من المستقلات