المشتبه إلى تردد محصل متعلق التكليف بين الأقل والأكثر لا تردد نفس المتعلق.
ولعل نظر المشهور على ما نسب إليهم من ذهابهم إلى المنع عن الصلاة في المشكوك ومصيرهم إلى الاحتياط إلى هذا الوجه، وأنهم فهموا من النهي عن الصلاة فيما لا يؤكل هو أن المطلوب النعت العدمي، من دون أن تكون الأفراد متعلقة للنهي، هذا.
ولكن قد عرفت أنه لا يمكن المصير إلى هذا الوجه، لأن الظاهر من الأدلة، خصوصا المعللة منها، هو كون الخصوصية والمفسدة التي أوجبت المنع عن الصلاة فيما لا يؤكل قائمه بنفس أفراد ما لا يؤكل، فتكون نفس الأفراد متعلقة للنهي.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن دوران متعلق التكليف بين الأقل والأكثر من جهة الشبهة الموضوعية، كدوران المتعلق بين الأقل والأكثر من جهة الشبهة الحكمية كفقد النص وإجماله، ونحن بعدما بينا وأوضحنا أن دوران الأمر بين الأقل والأكثر من جهة الشبهة الحكمية يكون مجرى للبراءة الشرعية لا العقلية، فكذلك دوران المتعلق بينهما من جهة الشبهة الموضوعية من غير فرق بينهما أصلا.
وتوهم أن مورد الرجوع إلى البراءة العقلية والشرعية إنما هو فيما إذا شك في شئ يكون بيانه من وظيفة الشارع، وما هو جاعله والصادر عنه في مقام التشريع، بداهة أن حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان إنما هو فيما إذا كان البيان من وظيفة الشارع، وكذا قوله " رفع ما لا يعلمون " إنما يكون فيما إذا شك في مجعول شرعي يكون وضعه ورفعه بيد الشارع، وهذا المعنى لا يجري في الشبهات الموضوعية، لأنه ليس من وظيفة الشارع بيان حمال الموضوع الخارجي وأن اللباس من مأكول اللحم أو غيره، بل ليس وظيفة الشارع إلا بيان الأحكام، وأن حكم المأكول وغير المأكول ما هو، والمفروض أنه علمنا حكم المأكول وغيره، وأنه لا يجوز الصلاة في غير المأكول، فما هو من وظيفة الشارع بيانه قد علمناه، والشك إنما هو واقع فيما