جنوب مكة وأخرى يكون في شمالها، فهذه أقسام أربعة فيما إذا كان الاختلاف في الطول فقط أو في العرض فقط، وأربعة أقسام أخر حاصلة من الاختلاف في كليهما، وهي ما إذا كان البلد في غربي مكة وعرضه في جنوبها أو في شمالها فهذا قسمان، والقسمان الآخران هو ما إذا كان البلد في شرقي مكة وعرضه في جنوبها أو شمالها، فهذه أقسام ثمانية تختلف قبلة البلاد حسب هذا الاختلاف، وليس المقام مقام التعرض لطول البلاد وعرضها والنسبة بينها، فإن ذلك موكول إلى محله ومطلوب من أهله من علماء الهيئة.
ولعل استخراجات أهل هذا العصر من أهل الفن يكون أضبط وأتقن من استخراجات القدماء، ولذلك (1) لسهولة أسباب الاستخراج في هذا الزمان، حتى أنه يمكن معرفة قبلة عامة البلاد بتوسط القوة البرقية من التلغراف، وذلك لأن الشمس في كل سنة تسامت رؤوس أهل مكة بيومين، وهما اليوم الثامن من الجوزاء والثاني والعشرين من السرطان على ما نقل فالشمس في هذين اليومين هي فوق الكعبة، ولذا يعدم الظل فيها في هذين اليومين كما تقدم في باب المواقيت، فلو عرف أول الزوال في مكة وهو أن انعدام الظل فيها يكون الظل الشاخص في كل بلد من البلاد في ذلك الآن مواجها للكعبة لا محالة، بحيث لو أخرج من ذلك الظل خطا مستقيما لا تصل بالكعبة.
فالمعيار في قبلة كل بلد هو المواجهة إلى ظل ذلك البلد في آن زوال مكة في يوم يعدم فيها الظل، ومعرفة آن زوال مكة في كل بلد بمكان من الامكان بتوسط القوة البرقية من التلغراف، وهذا المعنى أضبط شئ في معرفة القبلة في جميع الأقاليم والبلدان.