بل كان يجب عليه الستر على وجه لا يمكن للواقف من تحت النظر إلى العورة.
نعم من كان واقفا على الأرض لم يجب عليه الستر من تحت، لتحقق الستر بالأرض، بل يجب عليه الستر من سائر الجوانب. هذا كله بالنسبة إلى الستر عن الغير.
وأما الستر عن نفسه ففي وجوبه إشكال، فلو صلى في ثوب واسع الجيب، بحيث لو أراد النظر إلى عورة نفسه لأمكنه ولو في بعض الأحوال، ففي الصحة إشكال. ولا يبعد أن يقال: إن الشك في ذلك إنما هو لأجل تردد مفهوم الستر بين الأقل والأكثر، لعدم العلم بأن الستر الواجب في الصلاة ما هو، وأنه هل يجب الستر حتى عن نفسه أولا، وكلما رجع الشك إلى ذلك فالأصل البراءة.
الثالث: وجوب الستر في الصلاة إنما هو وجوب شرطي لا تكليفي محض، كما هو ظاهر الأوامر الواردة في بيان أجزاء العبادة وشرائطها، فلا تصح الصلاة مع عدم الستر. وهل شرطيته مطلقة حتى في حال الجهل والنسيان. أو مقصورة بصورة العلم والالتفات؟ الظاهر أن شرطيته ليست مطلقة بحيث لو جهل بالستر أو نسيه في تمام الصلاة أو في بعضها تبطل.
وتفصيل ذلك هو أن عدم الستر، إما أن يكون لجهل به، كما إذا تستر بثوب بتخيل أنه ساتر لعورته مع أن في الواقع لم يكن ساترا، وإما لنسيانه، كما إذا نسي التستر وصلى عاريا، من غير فرق بين أن يكون النسيان من أول الصلاة، أو في أثنائها، كما إذا تستر في أول الصلاة وفي الأثناء انكشفت عورته ونسي سترها ثانيا، وإما لقهر قاهر، كما إذا هب الريح في أثناء الصلاة فانكشفت عورته. وكل من هذه الأمور الثلاثة إما أن يزول المانع من الجهل والنسيان والقهر في أثناء الصلاة، كما إذا التفت أو تذكر أو سكن الريح في