للعصر خصوصا قوله عليه السلام في آخر رواية الحلبي " ثم صلى الظهر على أثرها " (1) فإنه وإن كان مطلقا بالنسبة إلى بقاء الوقت وخروجه، إلا أنه بعد تقييده بما دل على التوسعة في القضاء يكون نصا فيما إذا بقي من الوقت مقدار فعل الظهر، وبه يخصص حينئذ إطلاق رواية داود بن فرقد (2)، الدالة بإطلاقها على اختصاص مقدار أربع ركعات من الغروب للعصر خاصة، سواء صلاها قبل ذلك على وجه صحيح أولا، وقد تقدم تفصيل ذلك فراجع.
فتحصل: أن مقتضى القواعد والجمع بين الأدلة هو صحة فعل الظهر فيما بقي من الوقت أداء على تقدير فعل العصر قبل ذلك على وجه صحيح.
وبذلك يظهر ضعف سائر الأقوال، أما القول الأول فلأن دعوى اختصاص الظهر من آخر الوقت كأوله بمقدار أدائها خالية عن الشاهد.
ولعله توهم ذلك من وجوب الترتيب. وفيه مع أن الترتيب لا يختص بآخر الوقت، بل هو واجب من أوله إلى مقدار أربع ركعات إلى الغروب، فلازم ذلك الحكم ببطلان صلاة العصر لو خاف الضيق، أو نسي الظهر لو وقعت عقيب الزوال بنصف ساعة مع أنه لم يقل به أحد أن مسألة شرطية الترتيب أجنبية عن مسألة الاختصاص، ولا يمكن استفادة الاختصاص منها.
وربما يوجه هذا القول بأن بطلان العصر ليس من جهة وقوعها في الوقت المختص بالظهر بل لأجل فوات الترتيب، والمتيقن من سقوطه إنما هو ما لو نسي عن الظهر، وأما لو كان ملتفتا إلى عدم فعله الظهر ولكن خاف الضيق كما هو مفروض المسألة فلا وجه لسقوطه، وينبغي حينئذ بطلان العصر.