لأن الساقط عن الجاهل القاصر ليس إلا العقاب وأما الخطاب فغير ساقط عنه لتمكنه من التوجه إلى القبلة، والجهل بالحكم لا يوجب سلب قدرته عنه، لعلمه بموضوع القبلة وكان جاهلا في حكمها، كما إذا كان الجاهل في نفس مسجد الحرام المشاهد للكعبة، بداهة أنه يمكنه التوجه إلى القبلة، فهو عن عمد واختيار لم يوقع صلاته نحوها وإن كان ذلك لجهله بالحكم، فحينئذ لا وجه لسقوط خطاب القبلة عن الجاهل القاصر وإن كان معذورا من حيث العقاب، فإذا لم يسقط خطاب القبلة عنه فلا تعمه الأخبار الآتية، لأن موردها الغير المتمكن من التوجه إليها الموجب لسقوط خطابها، هذا ما أفاده شيخنا الأستاذ في هذا المقام، فتأمل جيدا.
وأما لو كان الخلل الواقع في القبلة من جهة النسيان أو الغفلة أو الخطأ في الاجتهاد فهو داخل في عموم الأخبار، واختصاص بعضها بصورة الخطأ في الاجتهاد لا ينافي إطلاق الباقي وعمومها للناسي والغافل. والأولى ذكر جملة من الأخبار الواردة في المقام وهي على طوائف ثلاث:
منها: ما دل على عدم وجوب الإعادة لا في الوقت ولا في خارجه، كصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السلام قلت له: الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى أنه قد انحرف يمينا وشمالا، فقال له: قد مضت صلاته وما بين المغرب والمشرق قبلة (1).
وكموثق عمار عنه عليه السلام أيضا في رجل صلى على غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته، قال: إن كان متوجها فيما بين المغرب والمشرق فليحول وجهه إلى القبلة ساعة يعلم، وإن كان متوجها إلى دبر القبلة