بحيث يلزم عليه تحصيله، وهذا مخالف للضرورة بداهة جواز الصلاة في القطن والكتان ومن هنا كان للقائل بالشرطية الالتزام بأحد الأمرين، إما بالالتزام بأن ما هو الشرط في الصلاة هو أحد الخصوصيات الوجودية من القطن والكتان والمأكول وغيرها، وإما بالالتزام بأن في خصوص ما إذا كان اللباس من الحيوان يشترط فيه خصوصية وجودية من كونه من مأكول اللحم، ويكون جواز الصلاة في القطن والكتان من باب السالبة بانتفاء الموضوع.
ولكن حيث كان الالتزام الأول بلا موجب ولم يقم عليه دليل التزم بعض من قال بالشرطية إلى الثاني، وقال: إن الشرط مقصور بما إذا كان اللباس من أجزاء الحيوان، ويكون الجواز بالنسبة إلى غير ذلك من باب السالبة بانتفاء الموضوع، مع أن السلب بانتفاء الموضوع خلاف القضايا المتداولة في العلوم، فإن الأصل في السلب أن يكون بانتفاء المحمول، وسيأتي الإشارة إليه في طي المباحث الآتية إن شاء الله.
وبالجملة: السلب بانتفاء الموضوع خلاف الظاهر، ولا يصار إليه إلا من باب اللابدية كما في المقام، بناء على قيام الدليل القطعي على شرطية المأكول، إلا أن الشأن في قيام الدليل على ذلك.
وبعد لم يقم في المقام دليل على ذلك، لما عرفت من أن دلالة رواية ابن بكير (1) على الشرطية يتوقف على جعل الجملة الفعلية للتأسي، وكونها ناظرة إلى الصلاة قبل وقوعها، وكون قوله " مما أحل الله أكله " قيدا للغير لا بيانا لأحد أفراده، وفي جميع هذه المقدمات الثلاثة نظر، وعلى تقدير التسليم فغايته تعارض الصدر مع الذيل، فإن صدر الرواية ظاهر في المانعية وذيلها ظاهر في الشرطية،