والسفر والإقامة موضوعا، وإن كان ظاهر ما يترأى من الموضوع منافيا لهذا التحديد، فإن هذا الظهور إنما يكون متبعا إذا لم يرد تحديد للشارع لبيانه، وبعد ورود التحديد يؤخذ به ويطرح ذلك الظهور، فإنه يكون نظير التخطئة في المصداق، وذلك أيضا واضح.
الرابع: أنه لو لم يكن بين المتعارضين جمع دلالي، كالاطلاق والتقييد والنص والظاهر، تصل النوبة حينئذ إلى المرجحات السندية، وتكون مقدمة على موافقة العامة ومخالفتهم كما بين في محله، لكن هذا إذا لم يكن في أحد الدليلين ما يوجب الظهور في صدوره تقية، أو كان مضمون أحد الدليلين مما تفردت به العامة، بحيث صار شعارا لهم وكانوا يعرفون بذلك، كمعرفة الخاصة بما تضمنه الدليل الآخر. والحاصل: أن ملاحظة المرجحات السندية إنما يكون بعد جريان الأصول الجهتية، من أصالة الصدور لبيان الحكم الواقعي، وأصالة عدم صدوره تقية، وأما مع عدم جريان الأصول الجهتية، إما لاحتفاف أحد الدليلين بما يوجب القطع أو الظن العقلائي على كونه صادرا تقية، وإما لكون ما تضمنه أحد الدليلين من المعنى كان يعد في زمان الصدور من شعار العامة وكانوا يعرفون به، عكس ما تضمنه الدليل الآخر من كونه كان شعارا للخاصة ويعرفون به، فلا تصل النوبة إلى المرجحات السندية.
إذا عرفت هذه الأمور فلنشرع في ذكر الأخبار، وهي وإن كانت من الجانبين كثيرة إلا أنا نقتصر بما هو صريح أو ظاهر الدلالة، ثم نعقبه بما يقتضيه النظر الصحيح في الجمع بينها، فنقول: أما ما دل على أن الغروب إنما هو بذهاب الحمرة المشرقية عن قمة الرأس ولا يكفي استتار القرص فهي على طوائف أربع:
منها: ما تدل على أن وقت استتار القرص وغيبوبة الشمس إنما هو ذهاب الحمرة المشرقية، وفي بعضها تقييد الذهاب بتجاوزها عن قمة الرأس.