حيث إنها اعتبرت شرطا في الصلاة، ولا بد من تحقق الشرط من ابتداء الصلاة إلى آخرها، وبعبارة أخرى: الالتفات إنما يكون قاطعا للهيئة فاعتباره إنما يكون في أكوان الصلاة من غير دخل له في أفعالها، والقبلة إنما تكون شرطا لأفعال الصلاة، إلا أنه لو وقعت بعض أفعال الصلاة في أثنائها إلى غير القبلة يصدق الالتفات أيضا، لأنه يكون حينئذ التفاتا وزيادة.
والحاصل: أنه يمكن أن يتحقق الالتفات القاطع من دون إخلال بما هو الشرط في أفعال الصلاة من القبلة، كما إذا التفت إلى ما ورائه ثم رجع من دون أن يأتي بشئ من أفعال الصلاة، ولكن لا يمكن العكس بأن يأتي بشئ من أفعال الصلاة إلى دبر القبلة من دون أن يكون هناك التفات كما لا يخفى.
إذا عرفت ذلك فنقول: الاستدلال على بطلان الصلاة الواقعة على دبر القبلة بالأخبار الدالة على بطلان الصلاة عند الالتفات إلى ما وراء القبلة في أثناء الصلاة يتوقف على أمور:
الأول: أن أخبار الباب الدالة على أن من صلى إلى غير القبلة يعيد في الوقت لا في خارجه تعم الناسي أيضا ولا تختص بالمجتهد المتحري كما قدمناه، وكذا الأخبار الدالة على أن الالتفات مبطل تعم الناسي أيضا ولا تختص (1) بالعامد الملتفت كما لا يخفى على من راجعها.