نعم لو قلنا بأن أخبار الباب مختصة بصورة التحري والاجتهاد ولا تعم الناسي كما اختاره صاحب الجواهر قدس سره لكانت أخبار الالتفات أجنبية عن المقام ولا يمكن الاستدلال بها فيه، إلا أن دعوى اختصاصها بذلك مما لا وجه لها، مع أن صاحب الجواهر (1) رحمه الله اعترف بأن الطائفة الأولى من أخبار الباب الدالة على عدم وجوب الإعادة والقضاء لو وقعت الصلاة إلى ما بين المغرب والمشرق تعم الناسي أيضا، وإنما قال بالاختصاص في خصوص الطائفة الثانية، ولكن الانصاف أنه لم يظهر وجه للتفرقة بين الطائفتين، فتأمل (2).
وكذا لا يمكنهم الاستدلال بأخبار باب الالتفات لما نحن فيه، لو منعنا الأولوية وأنه لا ملازمة بين بطلان الصلاة إلى دبر القبلة لو كان ذلك في الأثناء وبطلانها لو وقعت من أول الأمر إلى دبر القبلة، أو قلنا بعدم صدق الصلاة إلى دبر القبلة لو كان في الأثناء، أو قلنا بأن أخبار الالتفات تختص بالعامد ولا تعم الناسي.
ولكن منع الملازمة بين الأول والأثناء وعدم صدق الصلاة إلى غير القبلة لو كان ذلك في الأثناء واختصاص الالتفات بصورة العمد كل ذلك مشكل بل لا سبيل إليه، فالأقوى القول ببطلان الصلاة لو وقعت إلى دبر القبلة، كما عليه عمل الأصحاب حسب ما يستفاد من عبارة الشيخ (3) رحمه الله المتقدمة في ذيل المرسل الذي حكاه، فتأمل فيما ذكرناه فإن الاستدلال بأخبار الالتفات لما نحن فيه لا يخلو من إعمال لطف.