وفي المقام طريق آخر لا يحتاج إلى القوة البرقية إذا علم مقدار تفاوت البلد مع مكة في الطول، كما استخرجه المحقق الطوسي قدس سره على ما نقل، وحاصله:
أن اليوم الذي يعدم الظل فيه في مكة تكون الشمس في أول الزوال في دائرة نصف النهار، والتفاوت بين نصف النهار في كل بلد ونصف نهار مكة بقدر الفصل بين طوليهما، لأن كل بلد كان طوله أقل من مكة يتأخر الظهر فيه عن مكة، وكل بلد كان طوله أكثر من مكة يتقدم الزوال فيه عن مكة، لأنه يكون حينئذ أبعد عن المغرب وأقرب إلى المشرق، فإذا علم مقدار طول البلد ومقدار طول مكة فالتفاوت بينهما بكل درجة مقابل لمقدار أربع دقائق، لأنه لو قسم ثلاثمائة وستين درجة على أربع وعشرين ساعة فلكل خمس عشرة درجة ساعة ولكل درجة أربع دقائق.
وعلى هذا فلو كان طول مكة عشرين درجة وطول البلد خمسة وعشرين فيصير زوال البلد عشرين دقيقة قبل زوال مكة، فبعد مضي عشرين دقيقة من زوال البلد إذا جعل المصلي ظل الشاخص بين قدميه وتوجه إليه يكون متوجها إلى القبلة لا محالة، لأن الشمس في هذا الآن أي عند مضي عشرين دقيقة من زوال البلد تكون مسامتة لرؤوس أهل مكة وفوق الكعبة، فالمتوجه إلى الظل يكون متوجها إلى الكعبة.
ولو انعكس الفرض بأن كان طول البلد عشرين وطول مكة خمس وعشرين، فيصير زوال البلد بعد زوال مكة بعشرين دقيقة، فالعبرة حينئذ بمواجهة الظل في ذلك الحال، فتأمل تعرف.
وعلى كل تقدير العبرة إنما هو بمعرفة القبلة بأي طريق ممكن، ومعرفة ذلك لها طرق متعددة.
منها: محراب صلى فيه معصوم عليه السلام كأحد المحاريب للمساجد الأربعة،