الحيوان محلل الأكل في حد ذاته، فكذلك الرخصة الظاهرية المجعولة بأصالة الحل، وحينئذ يكون الشك في جواز الصلاة في المشكوك المسبب عن الشك في الحلية والحرمة بالمعنى المتقدم بعد باق على حاله، والأصل الجاري في ناحية السبب لا يوجب رفع الشك المسببي.
الوجه الثالث: أن يكون الحلية والحرمة الفعليان موضوعين لجواز الصلاة وعدمه، بأن يكون تمام الموضوع لجواز الصلاة في أجزاءه هو الرخصة في أكل لحمه فعلا، بحيث يدور جواز الصلاة وعدمه مدار هذه الرخصة والحلية الفعلية، فكلما حل أكل لحم الحيوان جاز الصلاة في أجزائه، وكلما حرم لا تجوز الصلاة في أجزائه.
وعلى هذا الوجه تكون أصالة الحل في الحيوان عند الشك فيه مجدية، ورافعه للشك المسببي، وموجبة لجواز الصلاة في أجزائه.
وإذا تمهد هذا فنقول: إن من الواضح أنه لم تؤخذ الحلية والحرمة بالمعنى الأخير موضوعا لجواز الصلاة في أجزاء الحيوان، حتى يقال بجريان أصالة الحل في طرف الحيوان، ليترتب عليه جواز الصلاة في أجزائه قضية للسببية والمسببية، إذ أدلة الباب بين طائفتين:
الأولى: ما رتب الحكم بعدم جواز الصلاة على نفس الأنواع والذوات المحرمة، كالأرانب والثعالب وأمثال ذلك. ومن الواضح أن هذه الطائفة لا مساس لها لحديث السببية والمسببية، إذ لم يعلق الحكم فيها على حرمة الأكل حتى يتوهم ذلك، بل تكون حرمة الأكل وعدم جواز الصلاة في عرض واحد، يعرضان للحيوان باعتبار ماله من الخصوصية المسوخية، كما ورد التعليل بذلك في بعض الأخبار.
الطائفة الثانية: ما رتب الحكم بعدم جواز الصلاة على عنوان ما لا يؤكل