المقام الثاني في بيان وقت المغرب والعشاء اعلم أنه قد اتفق الأصحاب على أن أول وقت صلاة المغرب هو غروب الشمس، ولكن وقع الخلاف في تعيين الغروب، وأنه هل هو استتار القرص عن أفق المصلي، أو أنه ذهاب الحمرة المشرقية وتجاوزها عن قمة الرأس. ومنشأ الاختلاف في ذلك هو اختلاف الأخبار، وقبل ذكرها ينبغي تقديم أمور:
الأول: أن الجمع بين الدليلين بالاطلاق والتقييد لا ينحصر فيما إذا كان المقيد من أفراد المطلق، كقوله (أعتق رقبة) و (أعتق رقبة مؤمنة) إذ ليس كل مطلق يوجب التوسعة، حتى يكون المقيد موجبا للتضييق وخروج بعض ما لولاه لكان داخلا في المطلق، فإنه رب إطلاق يوجب التضييق، والتقييد يوجب التوسعة، كما يقال: إطلاق العقد يوجب التعجيل أو نقد البلد وغير ذلك، وكما يقال:
إطلاق الأمر يوجب النفسية والعينية والتعيينية، فإن مثل هذا الاطلاق يوجب التضييق، بداهة تخصيص العقد بنقد البلد أو التعجيل، وكذا تخصيص الأمر التعييني يوجب الضيق، بخلاف ما لو قيد هذا الاطلاق بعدم لزوم نقد البلد أو التعجيل، أو قيد الواجب بعدم التعيينية، فإن هذا التقييد يوجب التوسعة.
فمن هنا يعلم أنه ليس التقييد منحصرا بما كان المقيد من أفراد المطلق، بداهة أن غير نقد البلد أو الواجب التخييري لم يكن من أفراد نقد البلد أو الواجب التعييني الذي اقتضياهما الاطلاقان، ففي المثالين لو قام الدليل على إرادة الأعم من نقد البلد أو غير الواجب التعييني، لم يعامل ما بينه وبين ما دل على خصوص نقد البلد أو الواجب التعييني بالاطلاق معاملة المتعارضين بالتباين، بل يكون