اللهم إلا أن يقال: إنه لا حاجة لنا في رفع الشك السببي بعد عدم منع الشارع وترخيصه في إيقاع الصلاة في المشتبه من الجهة الذي يلازم المانعية، فالشك في المانعية وإن كان بعد باق على حاله إلا أن بقاءه لا يخل في جريان الأصل المسببي وترتب الصحة، كما لو كان المكلف على طهارة وخرج منه وذي أو مذي وشك في ناقضية الوذي والمذي، فإن الشك في ناقضيتهما وإن كان يستتبع الشك في الطهارة إلا أنه بجريان استصحاب الطهارة نستغني [عنه]، وإن كان الشك في الطهارة مسببا عن الشك في ناقضية المذي، وناقضية المذي لم يكن مجرى لأصل. إلا أنه لا حاجة لنا إلى رفع الشك السببي بعد حكم الشارع بأن المكلف متطهر، والمفروض أن ما جعل شرطا للصلاة هو الطهارة، وهي حاصلة بمقتضى الاستصحاب فليبق الشك في ناقضية المذي إلى يوم القيامة، وبعين ذلك يمكن أن يقال فيما نحن فيه، من أن الشك في المانعية وإن كان باقيا إلا أنه يستغنى عنه بعد ترخيص الشارع في إيقاع الصلاة في المشتبه من الجهة المنتزعة على المانعية لا من جهة التشريع أو الحرمة الذاتية، فتأمل جيدا.
وعلى كل حال بناء على تأصل المانعية في الجعل لا تكون نفس المانعية من مجاري أصالة الحل وإن كانت من مجاري أصالة البراءة، إذ لا يعتبر في موضوع البراءة أزيد من أن يكون أمر المشكوك بيد الشارع رفعا ووضعا، والمانعية بناء على تأصلها في الجعل تكون كذلك أمر وضعها ورفعها بيد الشارع، فلا مانع من جريان أصالة البراءة فيها، فتأمل جيدا.
المقام الثالث: في بيان جريان أصالة عدم المانع في المقام، وقد نسب إلى بعض المفروغية عن جريانها في المقام بناء على المانعية، وهو على إطلاق ممنوع، كما سيتضح لك عن قريب إن شاء الله. نعم لو قلنا بأن أصالة عدم المانع أصل عقلائي برأسه، من دون أن يرجع إلى الاستصحاب كما حكي عن بعض دعوى