الاكتفاء بالرجحان الجائي من قبل النذر، ومجرد ورود دليل بالخصوص في بعض الموارد لا يمكن تسريته إلى جميع الموارد، إذ يلزمه القول بصحة نذر جميع المحرمات، وهذا كما ترى بديهي البطلان، فالنذر كالشرط فكما أنه لا يمكن القول بصحة الشرط المخالف للكتاب بأدلة وجوب الوفاء بالشرط فكذلك لا يمكن القول بصحة نذر المرجوح بأدلة وجوب الوفاء بالنذر، فلا بد من ورود النذر على الموضوع الراجح، ولا أظن أحدا خالف ما ذكرناه.
نعم هنا أمر آخر وقع التكلم فيه من بعض الأعلام، وهو أنه هل يكفي في صحة النذر الرجحان حال النذر وإن صار مرجوحا حال الفعل، أو لا يكفي بل يعتبر بقاء الرجحان إلى حال صدور الفعل؟
ومعنى الرجحان حال النذر هو أن يكون الفعل حال تعلق النذر به راجحا، كما إذا نذر زيارة الحسين عليه السلام في كل ليلة جمعة، ثم طرأ في بعض ليالي الجمع ما يقتضي المرجوحية، كما إذا حصلت له الاستطاعة للحج، فربما يقال:
إن الفعل حيث كان في زمان صدور النذر راجحا فالنذر انعقد صحيحا لوجود ما اعتبر فيه من رجحان المتعلق، وبعد انعقاد النذر المرجوحية الطارئة غير موجبة لانحلاله، ففي المثال المتقدم الاستطاعة العارضة لا تكون موجبة لانحلال النذر،.
لأنه لم تكن الاستطاعة حين انعقاده، فإذا لم تكن موجبة لانحلاله فلا يكون الشخص مستطيعا للحج، ولم يكن واجبا عليه، لاشتغال ذمته بواجب آخر مقدم عليه سببا.
ومن هنا نقل عن الشيخ صاحب الجواهر رحمه الله أنه كان عند اشتغاله بكتابة الجواهر، ينذر زيارة الحسين عليه السلام ليلة العرفة حتى لا يجب عليه الحج لو حصلت له الاستطاعة في الأثناء، وربما أفتى بذلك بعض المتأخرين، هذا.
ولكن الظاهر أنه يعتبر في صحة النذر وبقائه من ثبوت الرجحان حال صدور