الأمر الرابع: لو ضاق الوقت إلا عن ثلاث أو اثنتان، فهل يجب فعلها أو يقتصر على واحدة منها إلى أي جهة شاء؟ ربما يتوهم أنه لا يجب عليه فعل ما تمكن من الجهات بعد عدم إمكان الأربع، لأن المفروض عدم التمكن من الصلاة إلى القبلة أو ما بحكمها من استقبال ربع الفلك، فتخرج الجهات الباقية عن كونها مقدمة علمية، نعم لما كانت الصلاة لا تسقط بحال يجب عليه صلاه واحدة إلى أي جهة شاء، هذا.
ولكن لا يخفى عليك ضعفه، لأن سقوط بعض المقدمات العلمية لا يوجب سقوط الباقي، فهو كما إذا اضطر إلى بعض أطراف الشبهة المحصورة، فكما أن الاضطرار إلى بعض الأطراف لا يوجب جواز فعل الباقي في الشبهة التحريمية وترك الباقي في الشبهة الوجوبية كما بين في محله فكذلك فيما نحن فيه.
فإن قلت: نعم الأمر وإن كان كذلك وأن مقتضى القاعدة عند سقوط بعض المقدمة العقلية عدم سقوط الباقي، إلا أن في المقام حيث ورد الدليل على أن المتحير يكفيه الصلاة إلى أي جهة شاء، غاية الأمر أنه رفعنا اليد عنه في صورة التمكن من الأربع لرواية (1) خداش، فيبقى باقي الصور داخل تحت ذلك الدليل، فلا وجه حينئذ لايجاب الثلاث أو الاثنان عليه.
قلت: لا وجه لهذا الاشكال بعد ملاحظة الأدلة الواردة في المقام وملاحظة الجمع بينهما، وتفصيل ذلك هو أنه ببعد ورود اعتبار كون الصلاة إلى القبلة وأنه أينما كنتم فولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام، وبعد ورود أن ما بين المشرق والمغرب قبلة (2)، وبعد ورود (3) أن غير المتمكن يصلي إلى أربع جهات، لا بد من