الاطلاق وشمول النسيان إنما يستفاد من نفس القضية، لأن الصلاة إلى غير القبلة نسيانا ليس بمثابة يكون اللفظ منصرفا عنه.
وبالجملة: الانصاف أن إطلاق قوله عليه السلام " من صلى إلى غير القبلة " وشموله لصورة النسيان يكون أقوى من إطلاق حديث " لا تعاد " وشموله لبطلان الصلاة على نفس النقطتين.
بل قد عرفت أنه لا إطلاق في عقد المستثنى في حديث " لا تعاد " بل هو نظير المفهوم المستفاد من قوله عليه السلام " إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ " (1) فإن مفهومه ليس إلا أن الماء إذا لم يبلغ قدر كر ينجسه شئ، ولا يستفاد منه أنه ينجسه كل شئ إلا بضم مقدمات أخر من الخارج، وليس ذلك إلا لأجل أن القضية لم تسق إلا لبيان مطهرية الكر ولم تسق لبيان نجاسة غيره، فتأمل فإن المقام لا يسع زيادة على ذلك من الكلام.
بقي الكلام في معنى الاستدبار الموجب لبطلان الصلاة مطلقا في الوقت وفي خارجه. والظاهر أن يكون المراد منه مقدار ثلث الدائرة الذي يكون مقابلا للثلث الذي تكون القبلة فيه، بحيث، لو قسمنا الدائرة التي يكون المصلي فيها إلى ثلاثة أثلاث يكون ثلث منها بطرف القبلة وما بحكمها مما بين المغرب والمشرق الذي تصح الصلاة فيه وغير موجب للإعادة والقضاء، ويكون ثلث آخر منها في طرف المغرب والمشرق (سدس للمغرب وسدس للمشرق) والثلث الآخر يكون في دبر القبلة.
وبالجملة: دائرة الاستدبار تكون أوسع من دائرة الاستقبال، فإن المعتبر في الاستقبال إنما هو ما بين الجبينين على ما تقدم تفصيله وهذا يكون قريبا من عشر