العلم هو الصلاة إلى أربع جهات فمأول أو مطروح، لما سيمر عليك إن شاء الله من صراحة الأخبار في أن الحكم عند تعذر العلم هو التحري والاجتهاد والعمل بما أدى إليه اجتهاده، وهذه الأخبار مع صراحتها وصحتها وعمل المشهور عليها، لا يمكن طرحها لأجل خبر يحتاج العمل به إلى جابر مفقود في المقام.
مع أنه ليس بصريح في نفي الاجتهاد والأخذ بالظن عند تعذر العلم، بل لا ظهور فيه لاحتمال أن يكون المراد من قوله عليه السلام " ليس كما يقولون إذا كان ذلك فليصل إلى أربع وجوه " هو أنه ليس كما يزعمون من أنه لوغمت عليه الأمارات ولم يمكن الاجتهاد والتحري صلى إي أي جهة شاء، بل يعتبر أن يصلي حينئذ إلى أربع جهات، ويحتمل أن يكون المراد من الاجتهاد في كلام السائل هو العمل بالرأي والاستحسان من دون أن يكون ذلك بتحري واستناد إلى أمارة مفيدة للظن، وهذا المعنى من الاجتهاد ليس بمعتبر عندنا، ولا يجوز التعويل عليه عند فقد العلم، بل لا بد حينئذ من الصلاة إلى أربع جهات.
والحاصل: أنه لا بد إما من طرح الخبر وإما من تأويله، لعدم مقاومته لما دل من أن الحكم عند تعذر العلم هو التحري والاجتهاد، وأن ذلك مقدم على الصلاة إلى أربع جهات، كقوله عليه السلام في صحيح زرارة: يجزي التحري أبدا إذ لم يعلم أين وجه القبلة (1). وكموثق سماعة سألته عن الصلاة بالليل والنار إذا لم ير الشمس والقمر ولا النجوم، فقال عليه السلام: اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك (2). وغير ذلك من النصوص الدالة على اعتبار الاجتهاد.
ثم إنه لا يخفى عليك أنه لا فرق فيما ذكرناه من وجوب التحري والاجتهاد عند