الأثناء فلا يعتد بالأفعال السابقة ويجب عليه استئنافها.
فقد يتخيل أنه لا وجه لهذا التفصيل مع كون البابين من واد واحد، إلا أن الانصاف أنه ليس كذلك، ويختلف باب الحج عن باب الصلاة، فإن في باب الحج بعد ما لوحظ كل فعل فيه على جهة الاستقلالية، ولذا يحتاج إلى تجديد النية عند كل فعل، وبعد كون حجة الاسلام ليست من الأمور القصدية كالظهرية والعصرية، بل هي تدور مدار اجتماع شرائط حجه الاسلام على المكلف، فلو كان واجدا لها يكون حجه حجة الاسلام، وإن كان فاقدا لها لا تكون حجة الاسلام، وبعد ورود النص في أن العبد إذا أعتق قبل الوقوف بالمشعر أجزأه عن حجه الاسلام (1)، وفهم وحدة المناط بين اشتراط الحرية واشتراط البلوغ وليس ذلك من باب القياس، يكون الاجتزاء بالحج الذي بلغ في أثنائه عن حجة الاسلام على القاعدة، بخلاف باب الصلاة فإن تطبيقه على القاعدة يحتاج إلى مؤنة أخرى سيأتي التعرض لها.
والحاصل: أنه فرق بين باب الحج وبين باب الصلاة، فإن في باب الحج بعد ورود النص الصحيح بأن العبد إذا أعتق قبل الوقوف أجزأ حجه عن حجة الاسلام، وبعد اتحاد المناط في العبد والصبي كما فهمه الأصحاب يكون الحكم كما ذكره المشهور، فإن ما أوقعه الصبي قبل بلوغه ولو كان على جهة الندبية إلا أنه ندبية البعض لا ينافي وجوب الآخر وهو سائر أفعال الحج التي تقع منه بعد البلوغ، لعدم ارتباطية الأفعال بعضها مع بعض من هذه الجهة، فمجرد وقوع الاحرام مثلا ندبا لا ينافي وقوع الوقوف مثلا وجوبا، وكذا وقوع الاحرام لا عن حجة الاسلام لا ينافي وقوع الاحرام عنه بعد ما لم تكن حجة الاسلام من