كان يوم غيم بحيث لم ير الشمس والقمر كما هو مورد الأخبار (1)، وأما إذا كانت القبلة معلومة ولم يكن مانع من ملاحظة العلامات المنصوبة لمعرفتها فليس هذا مورد الاجتهاد والتحري، بل اللازم في مثل هذا العلم، ومع التعذر لمانع شخصي كالعمى فالصلاة إلى أربع جهات، ولا فرق في ذلك أيضا بين الأعمى وغيره.
فتحصل من جميع ما ذكرناه: أن لمعرفة القبلة مرتبتين (الأولى) العلم وما يلحق به من الأمارات والبينة (الثانية) التحري والاجتهاد والأخذ بالأحرى.
ولو فقد المرتبتان جميعا فاللازم هو الصلاة إلى أربع جهات كما عليه المعظم، ويدل عليه مضافا على الاجماع المحكي في عدة من كتب الأصحاب مرسل خداش (2) المتقدم، وهو إن اشتمل على ما لا يقول به المشهور من نفي الاجتهاد إلا أنه قد عرفت الجواب عن ذلك، مع أن المشهور أخذوا به فيما نحن فيه، إذ الظاهر أنه ليس لهم مستند في الصلاة إلى أربع جهات سواه، وإن حكي عن الكافي والفقيه أنهما قالا: روي أن المتحير يصلي إلى أربع جوانب كما عن الأول (3)، وأنه قد روي فيمن لا يهتدي إلى القبلة في مفازة أن يصلي إلى أربع جوانب كما عن الثاني (4)، وقد استفاد بعض الأعلام أن هاتين الروايتين غير مرسل خداش وليس بكل البعيد، وعلى أي حال يكفي دليلا لما نحن فيه مرسل خداش بعد جبره بعمل المشهور.
وبذلك يكون مقدما على ما دل من أن الحكم عند التحير هو الصلاة إلى جهة