بقي الكلام في تحديد الوقت الاختصاصي بالنسبة إلى الحاضر والمسافر، وأمثال ذلك من صلاة الخوف والمطاردة، فقد يقال: إن قوله عليه السلام في رواية داود بن فرقد " حتى يمضي مقدار أربع ركعات " (1) محمول على المثال ولا خصوصية للأربع، بل هو كناية عن مضي مقدار الفريضة على اختلافها بالنسبة إلى أشخاص المكلفين وغير ذلك، فيدخل وقت الاشتراكي بالنسبة إلى الحاضر مقدار مضي أربع ركعات من أول الزوال، وبالنسبة إلى المسافر مقدار مضي ركعتين، وهكذا بالنسبة إلى الخائف مقدار صلاته.
ولكن الانصاف أن الحمل على ذلك مما لا شاهد [له] وإن كان ليس ببعيد، إذ من المحتمل قريبا أن يكون لمضي مقدار أربع ركعات خصوصية، بحيث لا يدخل وقت المشترك إلا بعد مضي ذلك المقدار من الوقت ولو كان الشخص مسافرا أو خائفا، فالحمل على المثالية تحتاج إلى دليل، وعلى تقدير الشك في ذلك فهل الأصل يقتضي الرجوع إلى المطلقات من قوله عليه السلام إذا زال الزوال دخل الوقتان " (2) أو إلى استصحاب عدم دخول وقت العصر؟ وجهان، لا يخلو الأول من قوة بعد ما كان الشك في المختص راجعا إلى الأقل والأكثر، فتأمل.
ثم إن الثمرة بين ما اخترناه من عدم دخول المقدمات في الوقت الاختصاصي، وبين ما اختاره بعض الأعلام من دخولها في ذلك، إنما تظهير فيما إذا لم يؤد صاحبة الوقت، وأما إذا أداها فوقت العصر يدخل مطلقا بناء على كلا القولين، لما تقدم من أن أدلة الاختصاص مختصة بما إذا لم يؤد صاحبة الوقت