ذاته، بل إنما يتصف بالحلية والحرمة باعتبار تعلق فعل المكلف به، لكن لا على أن يكون واسطة في العروض بأن تكون الحلية والحرمة عارضين أولا وبالذات لنفس الفعل، وكان اتصاف الموضوع بهما بالعرض والمجاز، حتى يحتاج إلى تقدير المضاف في قولك الخمر حرام من نحو الشرب والاستعمال وأمثال ذلك، فإن ذلك إنما يكون على تقدير كون الحلية والحرمة الحلية والحرمة الاقتضائية لا الحلية والحرمة الوضعية، فإن الحلية والحرمة الوضعية إنما يتصف بهما نفس الموضوع الخارجي حقيقة، غايته أنه لا بما هو هو بل باعتبار تعلق فعل المكلف به، بحيث يكون الفعل واسطة في الثبوت ومصححا لعروض الحلية والحرمة على الموضوع.
وإن أريد من الشئ أو الموصول نفس الأفعال، لا معنى إرادة خصوص الأفعال التي ليس لها تعلق بموضوع خارجي، حتى يكون أصالة الحل أجنبية عن المقام وأمثاله مما كان الشك من جهة التردد في الموضوع الخارجي، إذ إرادة خصوص الفعل بقيد عدم تعلقه بموضوع خارجي مما لا شاهد عليها، بل المراد الأفعال بمعناها الأعم، أي سواء كان لها تعلق بموضوع خارجي أو لم يكن.
وحاصل الكلام: أن المراد من الشئ في لسان الدليل، إما أن يكون الأفعال سواء كان لها تعلق بموضوع خارجي أو لم يكن، وإما أن يكون المراد منها خصوص الموضوعات باعتبار تعلق الفعل به، وإما أن يراد منه خصوص الفعل الذي له تعلق بموضوع خارجي. والفرق بين القسمين الأخيرين من حيث نفسها، أو باعتبار تعلقها بموضوعاتها المشتبهة، فيكون المراد من الحلية والحرمة حينئذ المعنى الاقتضائي العارض لأفعال المكلفين، فعلى الأول يختص جريان هذا الأصل بما إذا كان الشك في الحلية والحرمة مستندا إلى تردد موضوع خارجي بين الأمرين، وعلى الثاني لا يختص بذلك، بل يعم ما إذا كان الشك فيهما مستندا إلى تردد المكلف بين من يحل له الفعل أو يحرم كالخنثى.