من ذلك مدائحه في جعفر بن يحيى البرمكي وليس في أيدي الناس منها شئ قال وذكر المبرد في كتاب الروضة إنه كان قد مدح هاشم بن جديح الكندي ولم يقع إلينا من مديحه له شئ وكذلك أرى حاله مع إسماعيل بن صبيح وله في خالد بن مزيد الشيباني أيضا مدح مما دل عليه بعض أخباره معه فكل هذا قد سقط عن الناس قال واستدللت على ذلك بان له البيت والبيتين مما يدل على أن كل واحد من ذلك من قصيدة فمن ذلك بيت يرويه له المبرد هو:
وجرب حتى لا يزال كأنما * يخاطبه من كل أمر عواقبه ويروي له أيضا:
أغر من الغر الكرام ولاؤه * لهاشم فيه الدين والملك والفخر يطيف به ليل من النقع راكد * على أن ضوء المشرفي له فجر ويروي له أيضا:
وإذا ما السير قصر بي * دون جدواك التي تهب كان تاميلك يأخذ لي * منك بالحق الذي يجب ويروى له أيضا:
حالق شاربه يمشي * على الأرض مكبا فهو كالذئب إذا ما * عاين الظلماء خبا نسبة شعر غيره إليه جرت العادة أن ينسب إلى كل من اشتهر بشئ ما هو من سنخه وإن لم يكن له قال ابن منظور: كان أبو بحر عبد الرحمن بن أبي الهداهد شاعرا مجيدا وكان لا يكاد يقول شيئا إلا نسب لأبي نواس وكذلك الحسين بن الضحاك المعروف بالخليع وقد غلب على كثير من شعرهما فما هو لأبي بحر وقد نسب لأبي نواس الأبيات التي أولها:
وشاطر ماجن الشمائل قد * خالط منه المجون تأنيثا قال أبو عبد الله أحمد بن صالح بن أبي نصر أنشدنيها أبو بحر لنفسه فقلت لهم إنهم يزعمون إنها لأبي نواس فقال لي أبو نواس بيني وبينك ولكنه قد حظي أن ينسب إليه كل إجادة وملاحة إنتهى ومر شئ من ذلك.
معارضة شعره نظرا لما له من المكانة عند الشعراء عارض جملة من قصائده مشاهير الشعراء أمثال أبان بن عبد الحميد اللاحقي والحسين الخليع وابن المعتز ودعبل وغيرهم.
منتخبات من شعره هذه منتخبات من أنواع شعره المتقدم إليها الإشارة عدى المجون نذكر من كل واحد منها نموذجا يكون مع باقي ما نقلناه من شعر شاهدا على تقدمه في صناعة الشعر ويراد بها ما يعم الردود والمعارضات.
نقائضه مع الشعراء قال جامع ديوانه: إن نقائضه المجردة عن الأخبار هي مع نيف وأربعين شاعرا وشاعرة إنتهى ونختار من تلك النقائض والمعارضات ما ننقله عن جامع ديوانه.
مع أبان بن عبد الحميد اللاحقي قال روى العتبي ان أبان بن عبد الحميد اللاحقي أرسل رقعة إلى الفضل بن يحيى وفيها:
أنا من بغية الأمير وكنز * من كنوز الأمير ذو أرباح كاتب حاسب خطيب أديب * ناصح راجح على النصاح شاعر مفلق أخف من الريشة * مما تكون تحت الجناح لي في النحو فطنة واتقاد * أنا فيه قلادة بوشاح ثم أروى من ابن سيرين للعلم * بقول منور الافصاح ثم أورى من ابن سيرين للشعر * وقول النسيب والامداح وطريف الحديث من كل فن * وبصير بترهات الملاح كم وكم قد خبأت عندي حديثا * هو عند الملوك كالتفاح فبمثلي تخلو الملوك وتلهو * وتناجي في المشكل الفداح أيمن الناس طائرا يوم صيد * لغدو دعيت أو لرواح أبصر الناس بالجوارح والخيل * وبالخرد الحسان الصباح كل ذا قد جمعت والحمد لله * على إنني ظريف المزاح لست بالناسك المشمر ثوبيه * ولا الماجن الخليع الوقاح لو رمى بي الأمير أصلحه الله * رماحا ثلمت حد الرماح ما أنا واهن ولا مستكين * لسوى أمر سيدي ذي السماح لست بالضخم يا أميري ولا الفدم * ولا بالمجحدر الدحداح لحية جعدة ووجه صبيح * واتقاد كشعلة المصباح إن دعاني الأمير عاين * مني شمريا كالبلبل الصياح فدعا به الفضل وأحسن جائزته وأمره بلزومه فكان يسعى في أبي نواس عنده فقال أبو نواس ناقضا عليه قصيدته:
أنت أولى بقلة الحظ مني * يا مسمى بالبلبل الصياح قد رأوا منه حين غنى لديهم * أخرس الصوت غير ذي إفصاح ثم بالريش شبه النفس بالخفة * مما يكون تحت الجناح فإذا الشم من شماريخ رضوى * عنده خفة نوى المسباح لم يكن فيك من صفاتك شئ * غير خلق مجحدر دحداح لحية ثطة ووجه قبيح * وانثناء عن النهي والصلاح فيك ما يحمل الملوك على الخرق * ويرزي بالسيد الجحجاح فيك تيه وفيك عجب شديد * وطماح يفوق كل طماح بارد الطرف مظلم الكذب ذو خرق * معيد الحديث نزر المزاح فالذي قلت فيك باق صحيح * والذي قلت ذاهب في الرياح مع الحسين بن الضحاك الخليع وابن المعتز قال حكى أحمد بن طاهر إن أبا نواس لما قال:
دع عنك لومي فان اللوم إغراء * ودواني بالتي كانت هي الداء صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها * لو مسها حجر مسته سراء من كف ذات... *...