لاحتبت في القوم مائلة * ثم قصت قصة الأمم فرعتها بالمزاج يد * خلقت للسيف والقلم في ندامى سادة زهر * أخذوا اللذات من أمم فتمشت في مفاصلهم * كتمشي البرء في السقم فعلت في البيت إذ مزجت * مثل فعل الصبح في الظلم واهتدى ساري الظلام بها * كاهتداء السفر بالعلم عارضها دعبل الخزاعي فقال:
عاذلي لو شئت لم تلم * فسمعي عنك كالصمم وأدع سرح اللهو مغتديا * غير مستبط ولا سئم وأقم بالسوس معتكفا * كاعتكاف الطير بالحرم واشرب الراح التي حجبت * عن عيون الدهر في الخيم لعناقيد مشكلة * كشعور الزنج في الحمم فتهادتها ثمود إلى * قومها من وارثي إرم وتخطتها العصور فلو * نطقت في الكاس بالكلم لأجابت عن ولادتها * بلسان ناطق وفم ثم أدت كلما شهدت * من قرون الناس والأمم فاقتنتها فتية سمح * من أناس سادة هضم فاستنارت في أكفهم * كسنا النيران في الأجم تلك ما تحيا النفوس بها * فمتى أنزل بها أقم في نواحي هيكل أرج * عاكفا فيه على صنم نقشت بالحسن صورته * من ذرى قرن إلى قدم مع مسلم بن الوليد قال إن مسلما تلقاه رسول لأبي نواس إلى عنان ومعه رقعة فيها:
لا تأمنن على سري وسركم * غيري وغيرك أوطى القراطيس أو طير فيروزج إني سأبعثه * قد كان صاحب تأليف وتدسيس وكان هم سليمان ليذبحه * لولا قيادته في أمر بلقيس فاخذ مسلم منه الرقعة وخرقها فانصرف الرسول إلى أبي نواس فأخبره فقال أبو نواس:
لم يقو عندي على تخريق قرطاسي * إلا فتى قلبه من صخرة قاسي إن القراطيس في قلبي بمنزلة * كموضع السمع والعينين والرأس لولا القراطيس مات العاشقون معا * هذا بغم وهذا كم بوسواس فليت إن إمام الناس سلطني * فلم أدع خارقا فيه بقرطاس حتى أصبحه من حيث مأمنه * كأسا من الموت لم يسلم له حاسي ما أعجب الخارق القرطاسي أقرأه * ياسا فخرقه من حيرة الياس ما ذا عليك إذا أحببت كاتبه * ما كان في بطنه يا أحمق الناس أليس قد مشقت فيه أنامله * وجاز أقلامه فيها بانقاس فبلغت مسلما فعارضه بقوله:
يا من يلوم على تخريق قرطاس * كم مر مثلك في الدنيا على رأسي الحزم تخريقه إن كنت ذا حذر * وإنما الحزم سوء الظن بالناس فشق قرطاس من تهوى صيانته * فرب مفتضح في خط قرطاس إذا أتاك وقد أدى أمانته * فاجعل كرامته في بطن أرماس وشق قرطاس من تهوى وكن فطنا * كم ضيع السر في حفظ لقرطاس فاجابه أبو نواس:
ما ذا أردت إلى تخريق قرطاسي * هل كان عندك في القرطاس من باس سببت كاتبه من غير ما سبب * هل كان فيه سوى شكوى إلى ناسي كتبت أشكو بلياتي فساءكم * ما يذكر الناس من شوق إلى ناس المديح قال يمدح رجلا كما مر في تاريخ دمشق ومر أن البيت الثاني في الفضل بن الربيع:
أوجده الله فما مثله * لطالب ذاك ولا ناشد ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد وقال يمدح إبراهيم بن عبيد الله الحجبي:
خليلي هذا موقف من متيم * فعوجا قليلا وأنظراه بسلم إذا شئت لم تكثر علي ملامة * وأعنف أحيانا فيكثر لومي إذا كان إبراهيم جارك لم تجد * عليك بنات الدهر من متقدم هو المرء لا يخشى الحوادث جاره * فخذ عصمة منه لنفسك تسلم لقد حط جاري العبدري رحاله * إلى حيث لا نرقى الخطوب بسلم وجدنا لعبد الدار جرثوم عزة * وعادية أركانها لم تهدم إذا اشتغب الناس البيوت فإنهم * أولو الله والبيت العتيق المحرم رأى الله عثمان بن طلحة أهلها * فكرمه بالمستعاذ المكرم وأخطرتم دون النبي نفوسكم * بضرب يزيل الهام عن كل مجثم يقول في صفة الناقة:
إليك ابن مستن البطاح رمت بنا * مقابلة بين الجديل وشدقم مهارى إذا شرعن بحر تنوفة * كرعن جميعا في إناء مقسم نفحن اللغام الجعد ثم ضربنه * على كل خيشوم نبيل المخطم إلى ابن عبيد الله حتى لقينه * على السعد لم يزجر لها طير أشام وقال يمدح إبراهيم بن عبيد الله الحجبي أيضا من قصيدة:
هل عرفت الربع أجلى * أهله عنه فزالا رب ريم كان فيها * يملأ العين جمالا في ظباء يتزاورن * فيمشين ثقالا وفلاة ألبستها * ظلمة الليل جلالا قد تبطنت بحرف * تقدم العيس العجالا مال إبراهيم بالمال * يمينا وشمالا لم يقل أفعل إلا * اتبع القول الفعالا وقال يمدح هاشم بن جديح الكندي:
تطاول فوق الناس حتى كأنما * يرون به نجما أمام نجوم إذا امتازت الأحساب يوما باهلها * أناخ إلى عادية وصميم إلى كل معصوب به التاج مقول * إليه أتاوى عامر وتميم ومن رقيق شعره المنسجم المطبوع السهل الممتنع الذي يدخل الأذن بغير إذن قوله يخاطب عبد الملك بن إبراهيم من أهل البصرة:
يا ابن إبراهيم يا عبد الملك * واثقا أقبلت بالله وبك أنت للمال إذا أمسكته * فإذا أنفقته فالمال لك