في السعي في بيعة الرضا ع. اما تعظيم الحسن ذلك على المأمون فلعله كان من باب النصيحة له والنظر في العواقب لما يعلمه من كراهة العباسيين ورجال الدولة لذلك لعلمهم انه لا يتم لهم مع الرضا ما يتم لهم مع المأمون فلا ينافي تشيع الحسن أو انه أراد ان يستوثق من المأمون في ذلك والله أعلم.
ثم إنه سيأتي ان المأمون ولى الحسن بن سهل ما افتتحه طاهر من كور الجبال والعراق وفارس والأهواز سنة 198 وقدم الحسن وتسلم ذلك سنة 199 وان الحسن كان بالنهروان سنة 200 وانه كان بالمدائن لما ذهب هرثمة إلى خراسان في سنة 200 أيضا وانه أول سنة 201 سار الحسن من المدائن إلى واسط وتأتي أمور أخر تدل على أنه سنة 201 كان بالعراق وانه سنة 202 كتب اليه المأمون بلبس الخضرة ومحاصرة بغداد وان بيعة الرضا ع كانت سنة 201 فإذا الحسن كان بالعراق قبل بيعة الرضا ع وعندها وبعدها وهو ينافي ما مر من أنه عندها كان في خراسان وانه اجتمع مع أخيه الفضل بحضرة المأمون إلى غير ذلك الا ان يكون حضر من العراق وعاد إليها والله أعلم.
رأيه الثاقب في إشارته على المأمون قد عرفت ان اتصال الفضل بالمأمون كان قديما في حياة الرشيد وباتصاله به اتصل به أيضا اخوه الحسن وفي تاريخ ابن الأثير انه لما ابتدأ الاختلاف بين الأمين والمأمون سنة 193 كان الفضل مع المأمون وهو من أعظم أرباب الدولة عنده وكان يشير على المأمون المرة بعد المرة فيكون الصواب في رأيه فزادت منزلته عنده حتى قال له المأمون مرة قد جعلت الأمر إليك فقم به وكذلك اخوه الحسن كان يشير بالرأي على المأمون فيكون الصواب فيه قال ابن الأثير لما امر الأمين بالدعاء على المنابر لابنه موسى سنة 194 وطلب من المأمون ان ينزل له عن بعض كور خراسان وأن يكون له عنده صاحب بريد يكاتبه بالاخبار استشار المأمون خواصه وقواده فأشاروا باحتمال هذا الشر والإجابة اليه خوفا من شر هو أعظم منه فقال لهم الحسن بن سهل أتعلمون ان الأمين طلب ما ليس له قالوا نعم ويحتمل ذلك لضرر منعه قال فهل تثقون بكفه بعد اجابته فلا يطلب غيرها قالوا لا قال فان طلب غيرها فما ترون قالوا نمنعه قال فهذا خلاف ما سمعناه من قول الحكماء: استصلح عاقبة امرك باحتمال ما عرض من مكروه في يومك ولا تلتمس هدنة يومك باخطار ما أدخلته على نفسك في غدك واستشار الفضل فأشار بمثله فامتنع المأمون من اجابته إلى ما طلب.
أخباره في خلافة المأمون في سنة 195 ارسل الفضل بن سهل جيشا مع طاهر بن الحسين الخزاعي إلى الري في أقل من أربعة آلاف وارسل الأمين جيشا مع علي بن عيسى بن هامان في خمسين ألف فارس فهزم جيش الأمين وقتل قائده علي بن عيسى وارسل طاهر رأسه إلى المأمون وفي سنة 196 بعث المأمون هرثمة في جيش كثير إلى طاهر وكتب اليه يأمره بتسليم ما حوى من المدن والكور إلى هرثمة ويتوجه هو إلى الأهواز ففعل. وفيها خطب للمأمون بإمرة المؤمنين ولقب الفضل بن سهل ذا الرياستين رياسة الحرب والقلم وولى الحسن بن سهل ديوان الخراج وفي سنة 198 استولى طاهر على بغداد وقتل الأمين. وفيها استعمل المأمون الحسن بن سهل على ما كان افتتحه طاهر من كور الجبال والعراق وفارس والأهواز والحجاز واليمن وكتب إلى طاهر بتسليم ذلك اليه فقدم الحسن يبن يديه علي بن أبي طاهر سعيد فدافعه طاهر بتسليم الخراج حتى وفي الجند ارزاقهم وسلم اليه العمل وقدم الحسن سنة 199 وفرق العمال وامر طاهر ان يسير إلى الرقة وكتب المأمون إلى هرثمة يأمره بالمسير إلى خراسان اه. فكان نصيب طاهر الحرمان مما افتتحه وتسييره إلى الرقة وتسليم ذلك إلى الحسن بن سهل وكان هذا بتدبير الفضل بن سهل قال ابن الأثير لما صرف المأمون طاهرا عما كان اليه من الاعمال التي افتتحها ووجه الحسن بن سهل إليها تحدث الناس بالعراق ان الفضل بن سهل قد غلب على المأمون وانه أنزله قصرا أحجبه فيه عن أهل بيته وقواده وانه يستبد بالامر دونه فغضب لذلك بنو هاشم ووجوه الناس واجترأوا على الحسن بن سهل وهاجت الفتن في الأمصار.
حرب أبي السرايا مع عساكر الحسن بن سهل في سنة 199 ظهر بالكوفة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع المعروف بابن طباطبا يدعو إلى الرضا من آل محمد والقيم بأمره في الحرب أبو السرايا السري بن منصور فبايع ابن طباطبا واخذ الكوفة وكان العامل عليها للحسن بن سهل سليمان بن المنصور فلامه الحسن ووجه زهير بن المسيب الضبي إلى الكوفة في عشرة آلاف فارس وراجل فهزمه ابن طباطبا وأبو السرايا واستباحوا عسكره ثم مات ابن طباطبا فجأة فأقام أبو السرايا مكانه غلاما اسمه محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع فوجه الحسن بن سهل عبدوس بن محمد المروزي في أربعة آلاف فارس فخرج اليه أبو السرايا فقتل عبدوس ولم يسلم من رجاله أحد بين قتيل وأسير وكان بواسط عبد الله بن سعيد الحرشي واليا عليها من قبل الحسن بن سهل فانهزم من أصحاب أبي السرايا إلى بغداد فلما رأى الحسن ان أصحابه لا يثبتون ارسل إلى هرثمة يستديعه لمحاربة أبي السرايا وكان قد سار إلى خراسان مغاضبا للحسن فحضر بعد امتناع وسار إلى الكوفة وسير الحسن إلى المدائن وواسط علي بن سعيد فوجه أبو السرايا جيشا إلى المدائن فدخلها أصحابه وتقدم هو حتى نزل بنهر صرصر وجاء هرثمة فعسكر بإزائه وسار علي بن سعيد إلى المدائن وقاتل أصحاب أبي السرايا فهزمهم واستولى عليها وفي سنة 200 هرب أبو السرايا إلى قصر ابن هبيرة وسار هرثمة في طلبه فوجد جماعة من أصحابه فقتلهم وبعث برؤوسهم إلى الحسن بن سهل ثم إن أبا السرايا خرج من الكوفة في ثمانمائة فارس حتى انتهى إلى السوس فاتاه الحسن بن علي المأموني وأمره بالخروج من عمله وكره قتاله فأبى أبو السرايا الا قتاله فهزمه المأموني ومعه محمد بن محمد بن زيد فظفر بهم حماد الكندغوش فاخذهم واتى بهم الحسن بن سهل وهو بالنهروان فقتل أبا السرايا وبعث محمد بن محمد إلى المأمون ولما فرع هرثمة من أبي السرايا لم يأت الحسن بن سهل واتى خراسان فاتته كتب المأمون ان يأتي الشام أو الحجاز فأبى وقال لا ارجع حتى القى أمير المؤمنين إدلالا منه عليه بنصيحته وأراد ان يعرف المأمون ان الفضل يكتم عنه الاخبار فعلم الفضل بذلك فأفسد امره عند المأمون فلما دخل عليه أهين وحبس ودسوا اليه من قتله وقالوا مات.