ما كتبه الصاحب لابن العميد مما يتعلق بالمهلبي في اليتيمة ما لفظه ما اخرج من كتاب الروزنامجة للصاحب إلى ابن العميد مما يتعلق بملح أحبار المهلبي فصل وردت أدام الله عز مولانا العراق فكان أول ما اتفق لي استدعاء مولاي الأستاذ أبي محمد أيده الله وجمعه بين ندمائه من أهل الفضل وبيني إلى أن قال فانصرفت وقد ورد الخبر بمضي أبي الفضل صاحب البريد رضي الله عنه ورحمه وانسا اجل مولانا ومد فيه فساعدت القوم على الجلوس للتعزية عنه لما كان يعرف من الحال بيني وبينه:
صلة غدت في الناس وهي قطيعة * عجبا وبر راح وهو جفاء فما مكثت ان جاءني رسول الأستاذ أبي محمد أيده الله يستدعني فعرفته عذري وحسبته يعفيني فعاودني بمن استحضرني ثم ذكر انه استدعاه إلى مجلس الشرب والغناء وأورد ما لا نحب ذكره من أفعال هؤلاء الامراء الذين أفسدوا دينهم واتبعوا شهواتهم وقد انقضت أيام لذاتهم القصيرة ولقوا جزاء اعمالهم. ثم قال وشاهدت من حسن مجلسه وخفة روح أدبه وانشاده للصنوبري وطبقته ما طاب به الوقت وهشت له النفس وشاكل رقة ذلك الهوى وعذوبة ذلك اللمى فانصرفت عنه وجعلت ألقاه في دار الامارة وهو على جملة من البر والتكرمة حتى عرفت خروجه إلى بستان بالياسرية لم ير أحسن منه ولا أطيب من يومه فيه لا اني حضرته ولكني حدثت بما جرى له فكتبت اليه شعرا:
قل للوزير أبي محمد الذي * من دون محتده السهى والفرقد من أن سما هبط الزمان وريبه * أو قام فالدهر المغالب يقعد في ابيات اخر تركتها لأنني أصون كتابي عن أن يشتمل على مثلها.
قال فاستطاب هذا الشعر واعجب به واستدعاني من غده فحضرت وابنا المنجم في مجلسه وقد أعدا قصيدتين في مدحه فمنعهما من النشيد لاحضره فأنشدا وجودا. ثم ذكر من حضور مجالس اللهو والغناء والشراب ما ننزه كتابنا عن ذكر مثله.
اخباره مع الشعراء في معجم الأدباء: قال أبو علي التنوخي حضرت أبا محمد في وزارته وقد دفع اليه شاعر رقعة صغيرة فقرأها وضحك وامر له بألف درهم وطرح الرقعة فقرأتها وإذا فيها:
يا من اليه النفع والضر * قد مس حال عبيدك الضر لا تتركن الدهر يظلمني * ما دام يقبل قولك الدهر وفي معجم الأدباء: قال حدث أبو النجيب شداد بن إبراهيم الجزري الشاعر الملقب بالمظاهر قال كنت كثير الملازمة للوزير أبي محمد المهلبي فاتفق اني غسلت ثيابي وانفذ إلي يدعوني فاعتذرت بعذر فلم يقبله وألح في استدعائي فكتبت اليه:
عبدك تحت الحبل عريان * كأنه لا كان شيطان يغسل أثوابا كان البلى * فيها خليط وهي أوطان ارق من ديني ان كان لي * دين كما للناس أديان كأنها حالي من قبل ان * يصبح عندي لك احسان يقول من يبصرني معرضا * فيها وللأقوال برهان هذا الذي قد نسجت فوقه * عناكب الحيطان انسان فانفذ لي جبة وقميصا وعمامة وسراويل وكيسا فيه خمسمائة درهم وقال قد أنفذت لك ما تلبسه وتدفعه إلى الخياط ليصلح لك الثياب على ما تريد فان كنت غسلت التكة واللالكة عرفني لأنفذ عوضهما اه.
شهادة الحجلة في معجم الأدباء: حدث أبو علي التنوخي قال كان أبو محمد المهلبي يكثر الحديث على طعامه وكان طيب الحديث وأكثره مذاكرة بالأدب وضروب الحديث على المائدة لكثرة من يجمعهم عليها من العلماء والكتاب والندماء وكنت كثيرا ما احضر فقدم اليه في بعض الأيام حجل فقال لي اذكرني هذا حديثا ظريفا وهو ما أخبرني به بعض من كان يعاشر الراسبي الأمير عامل خوزستان قال كنت آكل معه يوما وعلى المائدة خلق عظيم فيهم رجل من رؤساء الأكراد المجاورين لعمله وكان ممن يقطع الطريق ثم استأمن فامنه إذ قدم حجل فالقى الراسبي منه واحدة إلى الكردي كما تلاطف الرؤساء مؤاكليهم فاخذها الكردي وجعل يضحك فتعجب الراسبي من ذلك فقال ما سبب هذا الضحك وما جرى ما يوجبه فقال خبر كان لي فقال أخبرني به فقال شئ ظريف ذكرته لما رأيت هذه الحجلة قال فما هو كنت أيام قطع الطريق وانا وحدي إذ استقبلني رجل وحده فصحت عليه فاستسلم فأخذت ما معه وطالبته ان يتعرى ففعل ومضى لينصرف فخفت ان يلقاه في الطريق من يستفزه علي فاطلب وانا وحدي فاؤخذ فقبضت عليه وعلوته بالسيف لأقتله فقال يا هذا اي شئ بيني وبينك اخذت ثيابي ولا فائدة لك في قتلي فكتفته ولم التفت إلى قوله وأقبلت أقنعه بالسيف فالتفت كأنه يطلب شيئا فرأى حجلة قائمة على الجبل فصاح يا حجلة اشهدي لي عند الله تعالى اني اقتل مظلوما فما زلت أضربه حتى قتلته وسرت فلما رأيت هذه الحجلة ذكرت حماقة هذا الرجل فضحكت فانقلبت عينا الراسبي في رأسه حردا وقال لا جرم والله ان شهادة الحجلة عليك لا تضيع اليوم في الدنيا قبل الآخرة وما آمنتك الا على ما كان منك من إفساد السبيل فاما الدماء فمعاذ الله ان اسقطها عنك يا ابن الفاعلة بالأمان وقد اجرى الله على لسانك الاقرار عندي يا غلمان اضربوا عنقه فبادر الغلمان اليه بسيوفهم حتى تدحرج رأسه على المائدة وجرت جثته وأتم الراسبي غداءه اه.
تغير معز الدولة عليه ووفاته في معجم الأدباء لما كانت سنة 351 لهج معز الدولة بذكر عمان وحدث نفسه باخذها فامر المهلبي بالخروج إليها فدافعه ووضع عليه من يزهده فيها فلم يزدد الا لجاجا وكان أبو محمد أغضب حاشية معز الدولة فإنه ألزمهم تقسيطا في نفقة البناء الذي استحدثه من غير أن يخرج بأحد منهم إلى عسف فاحفظهم فعله فبعثوا معز الدولة على اخراجه فلما ألح عليه ضمن له ان يستخرج من هؤلاء جملة كبيرة يستعين بها في هذا الوجه فمكنه من ذلك بعد ان شرط عليه اخذ العفو وتجنب الاجحاف فقبض على جماعة واخذ منهم ألفي ألف درهم منها خمسمائة ألف درهم من أبي علي الحسن بن إبراهيم النصراني الخازن ومعز الدولة على نهاية العناية بأمره والثقة بأنه لا مال له واظهر أبو علي الفقر وسوء الحال وانه اقترض المال الذي أداه من