قامت بابريقها والليل معتكر * فلاح من وجهها في البيت لألأ فأرسلت من فم الإبريق صافية * كأنما أخذها بالعين أغفاء رقت عن الماء حتى ما يلائمها * لطافة وجفا عن شكلها الماء فلو مزجت بها نورا لمازجها * حتى تولد أنوار وأضواء دارت على فتية دار الزمان بهم * فما يصيبهم إلا بما شاؤوا فقل لمن يدعي في العلم فلسفة * حفظت شيئا وغابت عنك أشياء لا تحظر العفوان كنت امرأ حرجا * فان حظركه في الدين أزراء عارضه الحسين بن الضحاك بقصيدة طويلة من جملتها:
بدلت من نفحات الورد بالآء * ومن صبوحك در الإبل والشاء ففي غد لك من زهراء صافية * بطيرناباذ ماء ليس كالماء راح الفرات عليها في جداوله * وباكرتها سحابات بانواء ما زال يهملها كالمستخف بها * غض الشباب كناس غير نساء يطري سواها إذا سميت مدافعة * عنها ويوسعها من كل أزراء تمازج الروح في أخفى مداخلة * كما تمازج أنوار بأضواء ما أطيب العيش لولا ذكر واحدة * فيها مفارقة بين الأحباء هذا النعيم ولا عيش تكون به * هند برابية من بعد أسماء قال فيروى إنه تحوكم في هذه القصيدة وقصيدة أبي نواس إلى ابن ميادة بمكة شرفها الله تعالى فكان لا يأتي على بيت من هذه القصيدة إلا قال جيد حتى أتى عليها كلها ثم استنشد قصيدة أبي نواس فلما بلغه قوله:
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها * لو مسها حجر مسته سراء قال إن هذا البيت يفي بقصيدة الخليع. وقد عارضها عبد الله بن المعتز بهذه القصيدة:
أمكنت عاذلتي من صمت أباء * ما زاده النهي شيئا غير إغراء أين التورع من قلب يهيم إلى * حانات قطر بل والعود والناء وصوت فتانة التغريد ناظرة * بعين ظبي يريد الماء حوراء جرت ذيول الثياب البيض حين مشت * كالشمس مسبلة أذيال لألاء وقرع ناقوس ديري على شرف * مسبح في سواد الليل دعاء وكاس حيرية شكت بمبزلها * أحشاء مشعرة بالقار حواء أجرى الفرات عليها من سلاسله * شهرا تمشي على جرعاء ميثاء وطاف يكلأها من كل قاطفة * راع بعين وقلب غير نساء ثم استقرت ونار الشمس تلفحها * في بطن مختومة بالطين كلفاء حتى إذا برد الليل البهيم لها * وبلها سحر منه بانداء صب الخريف عليها ماء غادية * أقامها فوق طين بعد رمضاء تلك التي أن تصادف قلب ذي حزن * تجزل عطيته من كل سراء يسقيكها خنث الحقوين ذو هيف * كان أجفانه أفرغن من داء لا يكره الغمز من كف ومن نظر * ولا يلاقي بصد وحي إيماء وإنما صب سلسال المزاج على * سبيكة من بنات التبر صفراء يا صاح إن كنت لم تعلم فقد طرحت * شرارة الحب في قلبي وأحشائي أما ترى البدر قد قام المحاق به * من بعد إشراق أنوار وأضواء وقد عست شعرات في عوارضه * تزري على عاشقيه أي إزراء أعيت مناقشة إلا على حلم * فكل يوم يغاديها باحفاء فاندب زبرجد خد صار من سبح * ونح وساعد عليه كل بكاء يا ليت إبليس خلاني لندبته * ولم يصوب لالحاظي بأشياء ما لي رأيت ملاح الناس قد كثروا * ولم يقدر بهم إبليس إغوائي وكيف أفلح مع هذا وذاك وذا * أم كيف يثبت لي في توبة رائي ومن الموازنة بين الأبيات التي اشترك أبو نواس وابن المعتز في معانيها أو تقاربا في هاتين القصيدتين يظهر لك سبق أبي نواس وتفوقه قال أبو نواس:
دع عنك لومي فان اللوم إغراء * وداوني بالتي كانت هي الداء فقال ابن المعتز في معناه وقصر عنه:
أمكنت عاذلتي من صمت أباء * ما زاده النهي شيئا غير إغراء وقال أبو نواس:
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها * لو مسها حجر مسته سراء فقال ابن المعتز في معناه ولم يلحقه:
تلك التي أن تصادف قلب ذي حزن * تجزل عطيته من كل سراء وقال أبو نواس: من كف ذات *.........
فقال ابن المعتز في نظيره ولم يساوه:
يسقيكها خنث الحقوين ذو هيف كان أجفانه أفرغن من داء وقال أبو نواس:
قامت بابريقها والليل معتكر * فلاح من وجهها في البيت لألاء فقال ابن المعتز في شبهه ولم يدانه:
جرت ذيول الثياب البيض حين مشت * كالشمس مسبلة أذيال لألاء وقال أبو نواس:
فأرسلت من فم الإبريق صافية * كأنما أخذها بالعين إغفاء فقال ابن المعتز فيما يقاربه ولم يجاره:
وكاس حيرية شكت بمبزلها * إحشاء مشعرة بالقار جوزاء وقال أبو نواس في مزجها بالماء:
رقت عن الماء حتى ما يلائمها * لطافة وجفا عن شكلها الماء فقال ابن المعتز في شبيهه:
وإنما صب سلسال المزاج على * سبيكة من بنات التبر صفراء مع دعبل الخزاعي قال لما قال أبو نواس:
يا شقيق النفس من حكم * نمت عن ليلي ولم أنم فاسقني البكر التي اختمرت * بخمار الشيب في الرحم ثمة انصات الشباب لها * بعد ما جازت مدى الهرم فهي لليوم التي بزلت * وهي ترب الدهر في القدم عتقت حتى لو اتصلت * بلسان ناطق وفم