خليلية منسوبة في وزنها إلى الخليل بن أحمد مخترع العروض وقطربية منسوبة في النحو إلى قطرب أحد علماء النحو وجرول هو الحطيئة وكعب هو ابن زهير بن أبي سلمى صاحب بانت سعاد وزياد هو زياد الأعجم وكلهم من مشاهير شعراء العرب وفي هذه القصيدة قبح المطلع لأنه مما يتطير به ويجب على الشاعر أن يتجنب ذلك ولكن مثله قد يقع من حذاق الشعراء غفلة فان الجواد قد يكبو والصارم قد ينبو أو لأمر يريده الله. وفي أنوار الربيع: وأعلم أنه يجب على الناظم والناثر النظر في أحوال المخاطبين والممدوحين والتجنب لما يكرهون سماعه ويتطيرون منه خصوصا الملوك ومن يتصل بهم فإنهم أشد الناس تطيرا من المكروهات وعثرة الناظم في ذلك لا تقال.
أخباره مع كلثوم بن عمرو العتابي في مروج الذهب: حدث غوث بن المزرع حدثني خالد عن عمرو بن بحر الجاحظ قال كان كلثوم العتابي يضع من قدر أبي نواس وهو الذي يقول:
إذا نحن أثنينا عليك بصالح * فأنت كما نثني وفوق الذي نثني وإن جرت الألفاظ منا بمدحة * لغيرك إنسانا فأنت الذي نعني قال العتابي هذا سرقه من قول أبي الهذيل الجمحي:
وإذا يقال لبعضهم نعم الفتى * فابن المغيرة ذلك النعم عقم النساء فلا يجئن بمثله * إن النساء بمثله عقم قال لقد أحسن في قوله:
وما خلقت إلا لبذل أكفهم * وأقدامهم إلا لأعود منبر قال سرقه من قول مروان بن أبي حفصة:
وما خلقت إلا لبذل أكفهم * وألسنهم إلا لتحبير منطق فيوما يبارون الرياح سماحة * ويوما لبذ الحاطب المتشدق فسكت الراوية ولو أتى بشعره كله لقال له سرقه.
أخباره مع بني نوبخت كان بنو نوبخت ذوي مكانة عالية في بغداد وشان رفيع في الدولة العباسية وكانوا مع تشيعهم المتسلسل في بيتهم موضع عناية ملوك بني العباس كما كانوا موضع عناية الأمراء والوزراء والكتاب من أرباب الدولة وذلك لما اتصفوا به من الكمال والفضل والمروءة والسخاء ومكارم الأخلاق فكان فيهم العلماء والكتاب والشعراء وتولى بعضهم جليل الولايات ومدحهم الشعراء أمثال البحتري. وكان أبو نواس ممن اتصل بهم ورتع في خوانهم وبقي الأيام العديدة في بيوتهم وأكرموه وقدموه ومع ذلك لم يسلموا من هجائه قال ابن منظور: كان أبو نواس يألف آل نوبخت ولا يفارقهم بقي في بيت إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت أربعين يوما يأكل ويشرب ولما خرج قال فيه:
خبز إسماعيل كالوشي * إذا ما شق يرفا عجبا من أثر الصنعة * فيه كيف يخفى إن رفاءك هذا * الطف الأمة اكفا مثلما جاء من التنور * ما غادر حرفا وله في الماء أيضا * عمل أبدع ظرفا مزجه العذب بماء * البئر كي يزداد ضعفا وقال يهجو إسماعيل أيضا:
على خبز إسماعيل واقية البخل * فقد حل في دار الأمان من الأكل وما خبزه إلا كعنقاء مغرب * تصور في بسط الملوك وفي المثل يحدث عنها الناس من غير رؤية * سوى صورة ما أن تمر ولا تحلي وما خبزه إلا كليب بن وائل * ومن كان يحمي عزه منبت البقل وإذ هو لا يستب خصمان عنده * ولا الصوت مرفوع بجد ولا هزل فان خبز إسماعيل حل به الذي * أصاب كليبا لم يكن ذاك من ذل ولكن قضاء ليس يسطاع رده * بحيلة ذي مكر ولا فكر ذي عقل وفي ديوانه أنه قال يهجو ثقيلا يقال له روحا العمي ويلقب بالجبل ولكن في مقدمة الديوان ذكر النيبختيون ان أبا نواس عنى بهذه الأبيات أبي عبد الله بن سهل بن نيبخت وكذلك قال ابن منظور إنها في عبد الله هذا فالظاهر أن جامع الديوان لما رأى في أول بيت منها التصرح بأنها في ثقيل ظنه روحا العمي لان أبا نواس له فيه عدة أهاج مضافا إلى تلقيبه بالجبل ولكن النوبختيين أعرف بمقاصد أبي نواس فعلموا أنها في عبد الله ولذلك أجابه اخوه عنها وأجاب أبو نواس أخاه فلم يبق شك في أنها في عبد الله وهي:
ثقيل يطالعنا من أمم * إذا سره رغم أنفي ألم لطلعته وخزة في الحشى * كوقع المشارط في المحتجم أقول له إذ أتى لا أتى * ولا نقلته إلينا قدم فقعدت خيالك لا من عمى * وصوت كلامك لا من صمم فاجابه عنه أخوه فقال:
وذي ثروة من قبيح الشيم * صريح الدناءة مولى الكرم بعينيه عن كل خير عمى * وبالأذن عن كل حسن صمم خفي على أعين المكرمات * وأشهر في ريبة من علم إذا رفعت للخنا راية * ألح على ساقه واعتزم وإن نهض الناس للمكرمات * فما يحمل الساق منه القدم ويعدو بحرفته للصديق * وإن حصنته دروع النعم وينمى إلى حكم دعوة * وما أن له سبب في حكم كان الوقاحة قدت له * على وجهه رقعة من أدم أحب إلى الناس من قربه * حلول المشيب بهم والسقم ولما تطرق أعراضنا * ولم يك في عرضه منتقم كتبنا الهجاء على أخدعيه * بمندرج من أكف الخدم فبلغت أبا نواس فقال من أبيات يذكر فيها أم إسماعيل بما ننزه كتابنا عن ذكره من جملتها في أولادها:
فعشواء مضليل وأعشى مضلل * وأعور دجال عليه قبوح سيبقى بقاء الدهر ما قلت فيكم * وأما الذي قد قلتموه فريح وكان إسماعيل ضعيف البصر وأخوه سليمان أعور ولما ولي سليمان الزاب قال يهجوه: