السلافة شيخ المشايخ الجلة ورئيس المذهب والملة الواضح الطريق والسنن الموضح الفروض والسنن يم العلم الذي يفيد ويفيض وخضم الفضل الذي لا ينضب ولا يغيض المحقق الذي لا يراع والمدقق الذي راق فضله وراع المتفنن في جميع الفنون والمفتخر به الآباء والبنون قام مقام والده في تمهيد قواعد الشرائع وشرح الصدور بتصنيفه الرائق وتأليفه الرائع فنشر للفضائل حللا مطرزة الأكمام وأماط عن مباسم أزهار العلوم لثام الأكمام وشنف الأسماع بفرائد الفوائد وعاد على الطلاب بالصلات والعوائد وأما الأدب فهو روضه الأريض ومالك زمام السجع منه والقريض والناظم لقلائده وعقوده والمميز عروضه من نقوده وسأثبت منه ما يزدهيك إحسانه وتصبيك خرائده وحسانه اه. وهذه سنة جرى عليها أهل ذلك العصر في التسجيع في التراجم ووصف الشخص بما فيه وبما ليس فيه فان وصف صاحب المعالم بما يرجع إلى العلم والفضل لا يعدو الحقيقة مهما بولغ فيه أما وصف شعره بما وصفه به فلا ينطبق على شئ من الحقيقة وكان يكفيه أن يقول الشاعر أوله شعر منه قوله. أو ما يشبه هذا ومثل هذا الوصف الذي وصف به شعره لو قيل في شعر أبي تمام أو البحتري أو المتنبي وأمثالهم لم يكن تقصيرا. وفي اللؤلؤة أما صاحب المدارك وخاله المحقق المدقق الشيخ حسن ففضلهما أشهر من أن ينكر ولا سيما الشيخ حسن فإنه كان فاضلا محققا وكان ينكر كثرة التصنيف مع عدم تحريره ويبذل جهده في تحقيق ما ألفه وتحريره وهو حق حقيق بالاتباع فان جملة من علمائنا وإن أكثروا التصنيف الا أن مصنفاتهم عارية عن التحقيق كما هو حقه والتحبير مشتملة على المكررات والمجازفات والمساهلات وهو أجود تصنيفا وأحسن تحقيقا وتأليفا ممن تقدمه اه. ويأتي قوله أن تصانيفه على غاية من التحقيق والتدقيق وفي روضات الجنات: أمره في العلم والفقه والتبحر والتحقيق وحسن السليقة وجودة الفهم وجلالة القدر وكثرة المحاسن والكمالات أشهر من أن يذكر وأبين من أن يسطر اه. ويكفي في علو شانه ما كتبه شيخه الأردبيلي في آخر وصية كتبها له فعبر عن المترجم بأنه مولاه وأنه كتبها له امتثالا لأمره ورضاه. فإنه حكي أن الشيخ حسن لما عزم على الرجوع لبلاده طلب من أستاذه الأردبيلي شيئا يكون تذكره له ونصيحة فكتب له بعض الأحاديث وكتب في آخرها: كتبه العبد أحمد لمولاه لأمره ورضاه اه وفي مقدمات المقاييس عند ذكر الكنى والألقاب: ومنها أبو منصور للشيخ الفاضل الفقيه المحدث الأديب الوجيه المحقق المدقق المتبحر النبيه العابد الزاهد الرباني جمال الدين حسن ابن الشهيد الثاني رفع الله درجته وأعلى منزلته وكان معاصرا للبهائي وأصغر منه بست سنين تقريبا واجتمع معه في الكرك ومات قبله بما يقرب من عشرين سنة وعمره 52 سنة وحكى البهائي بعض المطالب عنه في مصنفاته وكتب حاشية على اثني عشريته ومات والده وهو صغير ابن أربع سنين أو أكثر وتلمذ على تلامذة أبيه وغيرهم وروى عنهم واستفاد منه جماعة كثيرة من الفضلاء ورووا عنه اه. وفي رجال بحر العلوم الحسن ابن شيخنا الشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي الجبعي. علم التحقيق والتدقيق الجامع بين الرأي الوثيق واللفظ الرشيق أوحد زمانه علما وعملا وفضلا وأدبا وأرفعهم ذكرا وشأنا وحسبا ونسبا حقق الفقه والحديث والأصول والرجال أحسن تحقيق وبيان وصنف فيها أيضا التصانيف الجيدة الحسان التي تزدري بقلائد العقيان وعقود الدر والمرجان وأحسنها كتاب معالم الدين وملاذ المجتهدين وكتاب منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان وقد خرج من الأول مقدمته الموضوعة في الأصول المتلقاة في الأقطار بالقبول والمعتني بشرحها وتعليقها كثير من العلماء الفحول وقليل من الفروع ينبئ عن فقه كثير وعلم غزير ومن الثاني وهو المنتقى الذي بلغ في ضبط الحديث سندا ومتنا أعلى مرتقى تمام العبادات وهو كتاب نفيس عظيم الشأن عديم النظير في مصنفات العلماء الأعيان وهو مع ما فيه من المحاسن والفوائد الكثيرة المتعلقة بضبط الأسانيد والمتون يختص بالفرق بين ما هو صحيح عند الجميع وما هو صحيح عند المشهور القائلين بالاكتفاء في التعديل بتزكية العدل الواحد حيث وضع للأول علامة صحي اي صحيحي بناء على أن الصحيح عنده صحيح عند الكل وللثاني صحر اي الصحيح عند المشهور لا عنده ولا ريب ان الفرق بين النوعين مهم على كلا القولين فان مرجعه اما إلى الفرق بين الصحيح وغير الصحيح والفائدة فيه ظاهرة أو الصحيح والأصح وهو امر مطلوب في مقام الترجيح لان الأصح مقدم على الصحيح وقد ذكر شيخنا المذكور جماعة من معاصريه والمتأخرين عنه ونعتوه بما هو أهل له اه.
اشتباه من صاحب خلاصة الأثر وفي خلاصة الأثر: حسن بن زين الدين الشهيد العاملي الشهير بالشامي نزيل مصر من حسنات الزمان وأفراده ذكره الخفاجي في ريحانته وقال في وصفه: ماجد صيغ من معدن السماح وابتسمت في جبينه غرة الصباح إلى آخر ما قاله وذكر من شعره قوله:
مصر تفوق على البلاد بحسنها * وبنيلها الزاهي ورقة آسها من كان ينكر فالتحاكم بيننا * في روضة والجمع في مقياسها وهو يقرب من قول القائل:
إن مصر لأطيب الأرض عندي * ليس في حسنها البديع قياس فإذا قستها بأرض سواها * كان بيني وبينك المقياس اه وفي ذلك اشتباه من وجوه أولا أن المترجم لم ينزل مصر ولم يدخلها ثانية انه لم يشتهر بالشامي وإن كان من بلاد الشام ثالثا ان المترجم ليس ممن يوصف بما وصفه به صاحب الريحانة ولا يوصف إلا بما يوصف به أجلاء العلماء رابعا أن ما ذكره صاحب الريحانة هو شخص آخر شامي نزل مصر معاصر لصاحب الريحانة فتوهم المحبي أنه المترجم للاشتراك في الاسم والنسبة. ففي الريحانة حسن بن الشامي ماجد الخ ما مر ثم قال اللطف حشو أهابه والفضل لا يلبس غير جلبابه لو مثل اللطف جسما * لكان للطف روحا إذا نزل بدار ارتحلت الهموم وارتضع من أخلاقه أخلاق بنت الكروم فمما أنشدنيه من أبياته ونزه سمعي في ربى مقطعاته قوله. وذكر البيتين.
مذاقه الفقهي هو لا يعمل الا بالحديث الصحيح أو الحسن ويعد بين الفقهاء من أكابر المحققين ومن أهل السلائق المعتدلة في الغاية والأنظار الصائبة ومن نماذج مذاقه في الفقه ما ذكره في مناسك الحج عند ذكر النية حيث قال: طال في بيانها كلام المتأخرين وخلا منها حديث أهل البيت ع رأسا وكذلك قدماء فقهائهم الذين لم يتجاوزوا المأثور عنهم فيما دونوه من الأحكام الشرعية ولم يجنحوا إلى مضاهاة أهل الخلاف في توليد المسائل.
وقال عند ذكر الطواف: ثم يقف بإزاء الحجر الأسود مستقبلا له جاعلا أول جزء منه مما يلي الركن اليماني محاذيا لأول كتفه الأيمن ولو ظنا على