والله أعلم. وفي فهرست ابن النديم: توفي في الفتنة قبل قدوم المأمون من خراسان سنة 200 وقال ابن قتيبة سنة 199 انتهى.
والفتنة بين الأمين والمأمون ابتدأت سنة 194 وانتهت سنة 198 فقوله انه توفي سنة 200 وقول ابن قتيبة سنة 199 ينافي كونه توفي في الفتنة. ثم إنه سيأتي عند ذكر تشيعه عن العيون وغيره ان أبا نواس رأى الرضا خارجا من عند المأمون ومدحه والمأمون ارسل فاحضر الرضا من الحجاز إلى خراسان سنة 200 وبايع له بولاية العهد سنة 201 فإذا كان أبو نواس قد لقي الرضا ومدحه وهو مع المأمون كما تدل عليه روايات الصدوق وغيره الآتية لا بد ان يكون ذلك في خراسان بعد قتل الأمين فيكون قد ذهب إلى خراسان بعد قتل الأمين وانحاز إلى المأمون وان لم يصرح بذلك أحد من المؤرخين سوى ما تقتضيه هذه الروايات وإذا كان أبو نواس قد مات ببغداد ودفن بالشونيزية فلا بد ان يكون عاد إليها مع المأمون ثم مات بها وإذا كان عود المأمون لبغداد سنة 202 يكون موت أبي نواس بعد هذا التاريخ وهو مناف لجميع الأقوال المتقدمة الناصة على أنه توفي في بغداد سنة 200 أو قبلها كما ينافيها ما دل على أن وفاته بعد رجوع المأمون إلى بغداد وما دل على مدحه الرضا لأنه لا بد ان يكون سنة 200 أو 201 ثم إن أبا نواس كان معروفا بالانحياز إلى الأمين وذكر المؤرخون انه بقي معه إلى أن قتل سنة 198 فذهاب أبي نواس إلى المأمون لا بد ان يكون بعد هذا التاريخ وهو ينافي جميع الأقوال القائلة بان وفاته قبل هذا التاريخ ويأتي عند الكلام على تشيعه قول ابن خلكان وفيه اي في الرضا يقول وله ذكر في شذور العقود سنة احدى أو اثنتين ومائتين فان أراد أنه قال هذا الشعر بذلك التاريخ نافى أيضا ما قيل إن وفاته قبل هذا التاريخ ويأتي عند الكلام على الزيادة والنقيصة في شعره ما يدل على أنه بقي إلى زمان رجوع المأمون لبغداد ومنافاته لذلك ظاهرة فأقوال المؤرخين والرواة في وفاة أبي نواس وفي لقائه الرضا والمأمون ومجئ الرضا إلى خراسان فيها تناف ظاهر فلا بد اما من كون هذه الروايات غير صحيحة أو كون تلك الأقوال في تاريخ وفاته غير صحيحة. ولما كانت هذه الروايات قد رواها الثقات بأسانيدهم الصدوق وغيره تعين عدم صحة تلك التواريخ والله أعلم.
سبب وفاته قيل في سبب وفاته انه هجا بني نوبخت. عن ابن منظور في الجزء الثاني من كتابه أخبار أبي نواس الذي لا يزال مخطوطا انهم داسوا بطنه حتى مات. قال وحدث بعض بني نوبخت فقال: شنع علينا الناس في قتل أبي نواس وذلك باطل ولكن تحدثوا ان أبا نواس مازح علي بن أبي سهل النوبختي ولم يكن يجري مجرى عبد الله بن سليمان النوبختي والعباس أخيه فقال أبو نواس:
أبو الحسين كنيته بحق * فان صحفت قلت أبو الخشين فوثب عليه فهرب أبو نواس فلحقه علي فصرعه وبرك عليه فاخذ من تحته واعتل بعد ذلك علته التي مات فيها فعاده بنو نوبخت وتوفي بعد ثلاثة أيام من علته فبعثوا بأكفانه وقيل إن إسماعيل بن أبي سهل سمه لأنه كان قد هجاه وذكره بالقول الفاحش فلم يقتله السم الا بعد أربعة أشهر أقول يشبه ان يكون هذا إلى الحدس منه إلى الحس وأوصى إلى زكريا العشاري ودفن بالتل المعروف بتل اليهودي على شاطئ نهر عيسى في مقابر الشونيزي.
نسبه في تاريخ بغداد عن عبد الله بن سعد الوراق هو الحسن بن هانئ بن صباح بن عبد الله بن الجراح بن هنب بن دده بن غنم بن سليم بن حكم بن سعد العشيرة بن مالك بن عمرو بن الغوث بن طئ بن أدد بن شبيب بن عمر بن سبيع بن الحارث بن زيد بن عدي بن عوف بن زيد بن هميع بن عمر بن يشجب بن عريب بن ريد بن كهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عامر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح قال وقيل هو الحسن بن هانئ بن الصباح مولى الجراح بن عبد الله الحكمي والي خراسان انتهى وقال ابن منظور في اخبار أبي نواس هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح بن الجراح بن عبد الله بن حماد بن أفلح بن زيد بن هنب بن دده بن غنم بن سليمان بن حكم بن سعد العشيرة بن مالك انتهى وسعد العشيرة سمي بذلك لأنه لم يمت حتى ركب معه من ولده وولد ولده مائة رجل وفي تاريخ دمشق وهيب بدل هنب وهو تصحيف. وقال ابن خلكان انه الحسن بن هانئ البصري مولى الحكم بن سعد العشيرة انتهى وفي لسان الميزان هو الحسن بن هانئ بن جناح بن عبد الله بن الجراح يكنى أبا علي الحكمي انتهى وكان جناح تصحيف صباح. قال ابن خلكان روي أن الخصيب صاحب ديوان الخراج بمصر سال أبا نواس عن نسبه فقال أغناني أدبي عن نسبي فامسك عنه.
القدح في نسبه قال ابن منظور قال أبو عمرو خرجت مع الأصمعي بالبصرة فمررنا بدار فقال كان فيها طراز حائك وكان فيها انسان فارسي تزوج امرأة فولدت غلاما ثم تعلم الصبي ابن الحائك القرآن ثم قال الشعر وخرج إلى بغداد وادعى اليمن وتولاهم فسألته عنه فقال هو أبو نواس وانما ادعى جاء وحكم في آخر امره وهما قبيلتان من اليمن وذكر انه مولى لهم لان منهم بالبصرة قوما فذكر ان جده مولى أولئك انتهى. واستدل بعض لخطله في دعوته بقوله للخصيب كما مر: أغناني أدبي عن نسبي، ولا دليل فيه لجواز ان يريد الاختصار في الجواب. وقال ابن منظور أيضا كان أبو نواس دعيا يخلط في دعوته فمن ذلك قوله يهجو عرب البصرة:
الا كل بصري انما العلى * مكمهة سحق لهن جرين فان تغرسوا نخلا فان غراسنا * ضراب وطعن في النحور سخين وان أك بصريا فان مهاجري * دمشق ولكن الحديث شجون مجاور قوم ليس بيني وبينهم * أواصر الا دعوة وظنون إذا ما دعا العريف باسمي أجبته * إلى دعوة مما علي تهون ثم هجا اليمن في هذه القصيدة بقوله:
لازد عمان بالمهلب نزوة * إذا افتخر الأقوام ثم تلين وبكر ترى ان النبوة أنزلت * على مسمع في الرحم وهو جنين