ويأخذون على شاعر في مدح خليفة هاشمي يحمل لقب إمارة المؤمنين.
ومن أخباره مع الأمين ما حكاه ابن منظور عن أبي نواس قال أمر الرشيد الكسائي أن يختلف إلى محمد بعد ما ولاه العهد يعلمه النحو وإن يحضرني إذا حضر لأنشد محمدا الشعر النادر وأحدثه الغريب وكان خادم من قبل الرشيد موكلا بمحمد فجرى بين الخادم وبين محمد يوما كلام وأنا حاضر فأمرني محمد بهجو الخادم فخفته إن هجوته أن يغتابني عند الرشيد فيقتلني وإن لم أهجه خفت محمدا أن يقتلني فقلت للكسائي يا أبا الحسن ما يحتال في هذا غيرك فاصلح بين الخادم ومحمد وبعث إلي محمد فصرت إليه وقلت له بلغني إنك تهددني بالقتل قال نعم قال فما قلت في ذلك فحضرني على المكان:
بك أستجير من الردى * وأعوذ من سطوات باسك وحياة رأسك لا أعود * لمثلها وحياة رأسك من ذا يكون أبا نواسك * إن قتلت أبا نواسك فتبسم ثم قال لا يكون وأمر لي بتخت ثياب.
وكان للأمين زورقان يسير بهما في دجلة أحدهما على صورة الأسد والآخر على صورة العقاب فقال فيهما أبو نواس:
سخر الله الأمين مطايا * لم تسخر لصاحب المحراب فإذا ما ركابه سرن بحرا * سار في الماء راكبا ليث غاب أسدا باسطا ذراعيه يعدو * أهرت الشدق كالح الأنياب لا يعانيه باللجام ولا السوط * ولا غمز رجله في الركاب عجب الناس إذ رأوك على صورة * ليث يمر مر السحاب سبحوا إذ رأوك سرت عليه * كيف لو أبصروك فوق العقاب ذات زور ومنسر وجناحين * تشق العباب تسبق الطير في السماء إذا ما * استعجلوها بجيئة وذهاب ملك تقصر المدائح عنه * هاشمي موفق للصواب وكان له زورق ثالث على صورة الدلفين فقال فيه أبو نواس:
قد ركب الدلفين بدر الدجى * مقتحما للماء قد لججا فأشرقت دجلة من نوره * واسفر الشطان واستبهجا لم تر عيني مثله مركبا * أحسن إن سار وإن عرجا إذا استحثته مجاذيفه * أعنق فوق الماء أو هملجا خص به الله الأمين الذي * أضحى بتاج الملك قد توجا وقال أيضا في الثلاثة من أبيات:
ألا ترى ما أعطي الأمين * أعطي ما لم تره العيون ولم تكن تبلغه الظنون * الليث والعقاب والدلفين وقال يمدح الأمين:
ألا يا حير من رأت العيون * نظيرك لا يحس ولا يكون وفضلك لا يحد ولا يجارى * ولا تحوى حيازته الظنون فأنت نسيج وحدك لا شبيه * نحاشيه عليك ولا خدين خلقت بلا مشاكلة لشئ * فأنت الفوق والثقلان دون كان الملك لم يك قبل شيئا * إلى أن قام بالملك الأمين ومن جرأة أبي نواس أنه قال * يهزأ من الأمين ويتطير بتدبيره:
احمدوا الله كثيرا * يا جميع المسلمينا ثم قولوا لا تملوا * ربنا أبق الأمينا صبر الخصيان حتى * جعل التصبير دينا فاقتدى الناس جميعا * بأمير المؤمنينا وقال يمدح العباس بن عبيد الله بن أبي جعفر المنصور وهي مشتملة على مقاصد متنوعة أجاد في جميعها فابتدأها بما ينحو الحكم والآداب فقال:
أيها المنتاب من عفره * لست من ليلي ولا سمره لا أذود الطير عن شجر * قد بلوت المر من ثمره فاتصل إن كنت متصلا * بقوى من أنت من وطره خفت مأثور الحديث غدا * وغدا أدنى لمنتظره خاب من أسرى إلى ملك * غير معلوم مدى سفره فامض لا تمنن علي يدا * منك المعروف من كدره وثنى يذكر الأصحاب فقال وابدع:
رب فتيان رباتهم * مسقط العيوق من سحره فاتقوا بي ما يريبهم * إن تقوى الشر من حذره ثم ذكر بني العم فقال:
وابن عم لا يكاشفنا * قد لبسناه على غمره كمن الشنان منه لنا * ككمون النار في حجره ثم تغزل فقال وأجاد:
ورضاب بت أرشفه * ينقع الظمآن من خصره علنيه خوط أسلحة * لان متناه لمهتصره ثم وصف البيد والقفار فقال:
ذا ومغبر مخارمه * تحسر الأبصار عن قطره لا ترى عين البصير به * ما خلا الآجال من بقره ثم وصف يبس النبات فقال:
ثم تذروه الرياح كما * طار قطن الندف عن وتره ثم أخذ في المديح فقال:
ثم أدناني إلى ملك * يامن الجاني لدى حجره كيف لا يدنيك من أمل * من رسول الله من نفره فاسل عن نوء تومله * حسبك العباس من مطره ملك قل الشبيه له * لم تقع عين على خطره وإذا مج القنا علقا * وتراءى الموت في صوره راح في ثنيي مفاضته * أسدا يدمى شبا ظفره