وأظهر اجتهاده وصار منظورا اليه من قبل الشاه وكان صاحب نفس عالية وفطرة سامية وطبع كامل وحافظة عظيمة وكان يتولى أحيانا فصل القضايا في العسكر المنصور ويحضر في كل يوم إلى محكمته العلية جمع كثير فيحكم بينهم وكان يكتب كتاب محكمته في الاسناد الشرعية بأمره في ألقابه سيد المحققين وسند المدققين وارث علوم الأنبياء والمرسلين خاتم المجتهدين وان كان العلماء في غيبته يتكلمون في هذا ولا يسلمون له بهذه الدعوى ولكن الفحول منهم لا يجسرون على انكار ذلك عليه في حضوره ولا على مباحثته وكان فصيح البيان مليح اللسان إلى الغاية وكان يتوسط عند الشاه في معضلات الأمور التي لا يقدر أحد على حلها من أركان الدولة حتى الامراء من أبناء الملوك فيقبل وساطته فيها وكانت امداداته تصل بكثرة إلى خلق الله تعالى وقال في المجلد الثاني في حوادث سنة 1001 ما تعريبه فيها توفي خاتم المجتهدين الأمير السيد حسين الحسيني العاملي الكركي والحق ان هذا السيد العالي الشأن الرفيع المكان الذي هو ابن بنت المجتهد المرحوم الشيخ علي بن عبد العالي كان معروفا بين علماء العرب والعجم بطلاقة اللسان وفصاحة البيان مشهور الاجتهاد في بلاد العجم وله في الأصول والفروع الامامية رسائل نفيسة وفي عصر الشاه طهماسب كانت حضرته منبع علماء وفضلاء العرب والعجم وكان شيخ المحققين الشيخ عبد العالي ابن المرحوم المجتهد الشيخ علي له مرتبة عالية في الاجتهاد وجميع العلماء مذعنون باجتهاده ومع ذلك كان المترجم أعلى منه رتبة كان يلقب بسيد المحققين الخ ما مر ويكتب ذلك في الصكوك ولا يستطيع احجد انكاره في حضوره وان أنكروه في غيابه اه والشيخ عبد العالي المذكور هو خال المترجم بلا شبهة واستظهار صاحب الرياض انه ابن الشيخ علي الميسي ودعواه ان سياق كلامه يخالف إرادة الكركي منه في غير محلها وقال صاحب الرياض: السيد المجتهد أبو عبد الله حسين ابن السيد ضياء الدين أبي تراب الحسن ابن صاحب الكرامات الزاهرة والمقامات الباهرة شمس الدين أبي جعفر محمد الحسيني الموسوي العاملي الكركي ثم الأردبيلي الفقيه الفاضل الجليل الكامل المعروف بالأمير السيد حسين المجتهد وقد يعرف بالأمير السيد حسين المفتي والد الميرزا حبيب الله المشهور الذي صار صدرا للسلاطين الصفوية إلى آخر ما مر في الترجمة السابقة ثم قال: وكان السيد حسين المذكور قد سافر من جبل عامل إلى بلاد العجم وكان في عصر الشاه طهماسب الصفوي إلى عصر الشاه عباس الأول وكان له ثلاثة أولاد ميرزا حبيب الله والسيد أحمد والسيد محمد والد ميرزا إبراهيم أو جده إلى آخر ما مر ثم قال ولقد أغرب شيخنا المعاصر في أمل الآمل إلى آخر ما مر أيضا ثم قال وبالجملة كان السيد حسين المجتهد هذا على ما بالبال وسيجئ عن كتابه دفع المناواة ابن أخت الشيخ عبد العالي ابن الشيخ علي الكركي المشهور فإنه كان للشيخ علي بنتان تزوج إحداهما والد السيد الداماد والأخرى والد هذا السيد ومر في ترجمة السيد بدر الدين حسن بن جعفر بن فخر الدين حسن بن نجم الدين الأعرجي الحسيني العاملي الكركي انه كان من أجداد ميرزا حبيب الله وانه كان ابن خالة الشيخ علي بن عبد العالي الكركي ثم إنه سكن مدة في بلاد جيلان أيضا وألف بعض كتبه باسم سلطانها كما سيجئ وكان مكرما عند الشاه طهماسب بعد وفاة الشيخ علي الكركي وكذا عند الشاه عباس الأول وقد سكن قزوين مدة ثم جاء إلى أردبيل بأمر الشاه وصار شيخ الاسلام بها إلى أن مات فيها وكان والده من مشايخ الشهيد الثاني ومن أكابر العلماء بل من مشايخ الشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي وكان جده الأعلى السيد حسن بن أيوب بن نجم الدين الأعرجي الحسيني من أعاظم الفقهاء من تلاميذ الشهيد الأول وبالجملة كان السيد حسين المذكور من مشاهير الفضلاء وكان معظما عند السلاطين الصفوية وغيرهم اه وفي كلامه عدة ملاحظات يبتني جلها على جعله صاحب الترجمة السابقة وصاحب هذه الترجمة رجلا واحدا مع أنهما اثنان.
السيد حسين بن حسن العاملي الكركي اثنان لا واحد.
وذلك أن لنا رجلين كلاهما يسمى السيد حسين بن حسن الحسيني الموسوي العاملي الكركي أحدهما السيد حسين بن بدر الدين حسن بن جعفر المتقدمة ترجمته قبل هذه الترجمة وثانيهما الذي نحن الآن في ذكر ترجمته وصاحب أمل الآمل ذكر الأول ولم يذكر الثاني كما أنه لم يذكر السيد حسين بن حيدر الكركي مع كونهما من مشاهير العلماء وأصلهما من بلاده ولكن الكمال لله وحده وصاحب الرياض ذكر الثاني وادخل في ترجمته بعض ما هو من صفات الأول وأحواله بزعم انهما شخص واحد فخلط بين الترجمتين والحال ان تعددهما من الواضحات التي لا تحتاج إلى شاهد وان اشتركا في بعض الصفات ولولا أن زعم اتحادهما وقع من صاحب الرياض الذي له شهرته في سعة الاطلاع لقبح بنا التعرض لإقامة الشواهد على التعدد ويدل على التغاير أو ينص عليه أمور أولها ان الأول سكن أصفهان حتى مات كما مر ولم يذكروا انه نقل إلى العتبات والثاني لم يكن بأصبهان ولا مات بها بل مات بقزوين ونقل إلى العتبات كما مر أيضا وثانيها ان الثاني ابن بنت الشيخ علي بن عبد العالي الكركي بنص إسكندر بك في موضعين من كتابه وصرح به هو نفسه في كتاب دفع المناواة كما يأتي والأول لم يذكر أحد انه ابن بنت الشيخ علي الكركي مع أنه مما جرت العادة ان يذكر ولا يترك وانما ذكروا في أبيه انه ابن خالة الشيخ علي الكركي ثالثها ان الأول حسين بن بدر الدين حسن بن جعفر الأعرجي الحسيني الموسوي والثاني حسين بن ضياء الدين أبي تراب حسن بن أبي جعفر محمد الموسوي فاختلفا في لقب الأب فالأول بدر الدين و الثاني ضياء الدين وفي كنيته فالثاني يكنى أبا تراب وهذا لم تذكر له كنية وفي اسم الجد فالأول اسم جده جعفر والثاني اسم جده محمد ويكنى بأبي جعفر وفي النسب فالأول حسيني أعرجي موسوي والثاني موسوي والعادة جارية ان من كان من ذرية الكاظم ع يقال له موسوي ولا يقال له حسيني ومن كان من ذرية الحسين ع وليس من ذرية الكاظم يقال له حسيني ومتى قيل الحسيني الموسوي أريد انه حسيني من قبل الأب موسوي من طرف الأم والسادة الأعرجيون حسينيون لا موسويون وقد صرح بان الأول أعرجي فدل على أنه موسوي من طرف الأم والثاني موسوي من قبل الأب رابعها ان الأول لم يذكر له الا كتاب واحد مجهول الاسم أشار اليه صاحب أمل الآمل والثاني ذكر له صاحب الرياض مؤلفات كثيرة كما يأتي في ترجمته خامسها ان الطبقة مختلفة فالثاني من علماء عصر الشاه طهماسب بن إسماعيل الأول المتوفى سنة 984 والأول من علماء عصر الشاه عباس الأول ابن خدابنده بن طهماسب المتوفى سنة 1038 معاصر للبهائي بشهادة قراءة بعض أولاده على البهائي كما في أمل الآمل هكذا في الروضات وهذا ان أمكن المناقشة فيه بامكان ادراك كل منهما عصر طهماسب وعباس الأول لأن بين وفاتيهما نحو من 54 سنة والأول كان ولده صدرا للشاه