قصدهما في النية، لفهم العرف في الأول، وامتناع اجتماع النقيضين في شئ واحد في الثاني.
وإنما الكلام في سائر الأنواع والأقسام، فنقول: لا ينبغي الريب في أن الأصل الأولي فيه التداخل، كما صرح به والدي - طاب ثراه - في بحث الوضوء من كتاب لوامع الاحكام 1، وذلك لأنه لولاه لتعدد المسبب، وهو خلاف الأصل 2.
وأيضا لا يتعدد المسبب إلا بتعدد السبب الحقيقي، إذ لولاه لوجب تعدد المسبب قبل تعدد المعرف أيضا، والأصل عدم حدوث سبب حقيقي اخر.
ومن هذا تظهر أصالة التداخل أولا - أيضا - في السبب الذي لم يعلم أنه هل هو المؤثر الحقيقي والمقتضي بنفسه، أو معرف عن العلة الحقيقية وكاشف عن المؤثر الحقيقي؟
ويتكشف منه: أن الأصل الأولي في جميع الأسباب الشرعية التداخل إلا ما شذ وندر وإن جوزنا كون بعضها مؤثرات حقيقية، ومقتضيات بأنفسها، إذ لا يمكن العلم بالعلة الحقيقية غالبا.
فاختص الكلام بالأسباب الشرعية بالنسبة إلى الأصل الثانوي، بمعنى أنه هل يثبت من الأدلة أن الحكم فيها عدم التداخل حتى يثبت خلافه، أم لا؟
هذا تحقيق معنى ذلك الأصل وتوضيحه موافقا لما ذكره القوم.
وأقول: هاهنا تحقيق اخر، وهو أنه لا شك أن الأسباب الشرعية علل للأحكام المتعلقة بأفعال المكلف لا لنفس أفعاله، فوطء الحائض علة لوجوب التصدق، والبول علة لوجوب الوضوء، لا للتصدق والوضوء، وتعدد الأسباب الشرعية لو اقتضى تعدد مسبباتها، لاقتضى تعلق وجوبين بتصدق الدينار و