منساقا لتعليق الحكم عليها مقتضى الأصل والحقيقة.
نعم لو علم عدم ذلك لم يجر الدليل، إذ لا يكون حكم في الكلام معلقا على الطبيعة واردا عليها. فإذا قال أحد: خذ الدراهم واشتر لي لحم الغنم، فذهب المأمور واشترى به الخبز، فقال له الآمر: إني أمرتك باشتراء اللحم وأنت اشتريت الخبز؟ لا يكون قوله: (باشتراء اللحم) مطلقا معارضا لقوله أولا: (اشتر لحم الغنم)، لأن قرينة المقام دالة على أن مراده ليس بيان إرادة طبيعة مطلق اللحم، بل أراد نفي إرادة الخبز، فلا يمكن الاستدلال به لثبوت الحكم في جميع أفراد اللحم.
والحاصل: أنه على ذلك يشترط انتفاء عمومه بالعلم بأن ذكر المطلق ليس إلا لبيان حكم آخر غير بيان حكم الطبيعة.
ثم إن ما ذكره من أنه يشترط في إفادته العموم: أن يكون ذكره لأجل بيان حكم نفسه من حيث يراد إثبات عمومه، ومن قوله: من حيث إنه صاده لا من حيث الغسل وعدم الغسل، أن عمومه أيضا مخصوص بحيثيته التي علق الحكم عليها من هذه الحيثية فلا يسري إلى حيثيات اخر، وإذا حصل الشك فيه من حيثية أخرى لم يجز التمسك بالعموم من الحيثية الأولى، ولم يكن عمومه من هذه الحيثية منافيا لما ينفي الحكم عنه من حيثية أخرى.
فإذا قال: الغنم حلال، يعم الحكم لجميع الأغنام من حيث إنه غنم، فلا يمكن الاستدلال به على حلية الغنم المغصوب، أو الجلال، أو الميتة، أو غيرها.
وهذا الكلام أيضا إنما يجري على دليل الحكمة، إذ حلية الغنم من حيث هو غنم فائدته تامة وإن لم يعلم حال أفراده من حيثية أخرى.
ولا يجري على المختار من كون عموم المطلق لوجود الطبيعة، لأنها موجودة في ضمن كل فرد من أفرادها في جميع حالاتها، فيجب تحقق الحكم أيضا.
هذا مع أن ما ذكروه من ملاحظة الحيثية المذكورة، إن أراد أنه لأجلها لا يثبت الحكم في أفراد ذلك المطلق المحيثة بحيثيات اخر من جهة وجود حيثية الحكم إذا