رحمه الله.
أقول: غرضه أن إفادة المطلق للعموم لما كانت لأجل الحكمة، فإنه لولاه يخلو الكلام عن الفائدة، فيشترط في إفادته له عدم ترتب فائدة أخرى لبيان الحكم عدا حكم نفس المطلق.
فيقال، حينئذ: إنه لولا عموم الحكم لجميع أفراده خلا الكلام عن الفائدة، لعدم إمكان إرجاعه إلى واحد معين ولا إلى واحد لا بعينه، ولا يتصور فائدة أخرى، فليس إلا العموم.
وذلك لا يتم إذا لم يعلم كون المطلوب بيان حكم نفس المطلق، بل كان الكلام منساقا لبيان أمر آخر، كما أنه سبحانه بين حكم حلية صيد الكلب بقوله:
(كلوا مما أمسكن)، ولم يرد بيان حكم الممسك حتى يعم جميع أفراده حتى غير المغسول موضع عض الكلب منه لئلا يخلو الكلام عن الفائدة، بل أراد بيان حلية صيد الكلب وهو يحتمل بحلية فرد من ممسكاته أيضا.
بل مقتضى ذلك: عدم ثبوت العموم، مع احتمال كونه منساقا لبيان حكم آخر، بل مع احتمال ترتب فائدة أخرى.
والحاصل: أن إفادته للعموم إنما هو إذا علم أن المتكلم في بيان حكم المطلق لا مطلقا.
ولكن لا يخفى أن ذلك إنما يصح على القول بكون عموم المطلق لدليل الحكمة وأنه لولاه لخلي الكلام عن الفائدة.
وأما لو قلنا بأن عمومه لأجل تعليق الحكم على الطبيعة، وهي في ضمن جميع الأفراد موجودة، فيجب تحقق الحكم في ضمن الجميع، فلا يتم ذلك.
بل التحقيق حينئذ أنه يشترط عدم العلم بعدم 1 كون الكلام منساقا لبيان حكم الطبيعة، وتعليق الحكم عليها، ولا يشترط العلم بكونه منساقا له، لأن كونه