بحيث يستمر على ذلك، وهو كالبطيخة التي لا حلاوة لها ولا لطافة، فميزان السفاهة المطلقة وعدمها هو عقل غالب أهل المعاملات والمحاورات والعادات من حيث إنهم أهل لذلك.
وتوهم متوهم: أن الميزان في كل صنف هو أغلب النفوس في ذلك الصنف، فالسفيه من الذكور الذي أكمل خمس عشرة سنة هو الذي خف عقله بالإضافة إلى أغلب أفراد هذا الصنف، والسفيهة من الأنثى ممن أكملت تسع سنين هي التي قلت عقلها بالنسبة إلى أغلب أفراد هذا الصنف.
فيقال: إن البالغة تسع سنين على قسمين: قسم يكون على ما فيه أغلب أفراد هذا الصنف من العقل والفطانة، والآخر قل عقله بالإضافة إلى أغلب أفراده. والأول لا يقال لها إنها سفيهة، فلا ولاية للحاكم في تزويجها، بل هي مستقلة، بخلاف الثاني، فإن له ولاية عليها. وهذا المعنى الثاني هو الذي أريد من السفيه المدخول تحت فاسد العقل (1).
أقول: لا يخفى أن للعقل المحتاج إليه في الرسوم والعادات والمعاش والمحاورات حدا إذا نقص عنه يقال: إنه خفيف العقل، أو قليل العقل، أو ناقص العقل على سبيل الاطلاق; فإنه يقال للذكور والإناث المذكورين: فلان طفل خفيف العقل، أو قليل العقل، أو ناقص العقل، أو مضيع للمال وإذا كان كذلك يكون سفيها; لان السفاهة لغة وشرعا لم تفسر بغير هذين المعنيين، ولا يفيد أغلب أفراد هذا الصنف إذا كان جميع أهل الصنف أو غالبهم أخفاء العقول.
ولولا ذلك لما صح صدق خفيف العقل أو قليله على ابن ست سنين إذا لم يكن أقل عقلا من أبناء سنة. وفساده ظاهر، ونحن نرى أهل العرف يقولون للأطفال الذين في بادئ بلوغهم: لم يكمل بعد عقلهم، أو بعد