لا غير المصلح (1) ولو مع علمه بأنه غير صالح لأجل غرض، ولا شك أن مثل ذلك لا يخلو عن خفة عقل أيضا وإن لم يكن فاسد العقل.
وفسر السفيه بذلك الامام أيضا، كما يأتي.
وهذا الاصطلاح أيضا مأخوذ من اللغة; لأجل أن كل من كان كذلك هو خفيف العقل لا محالة.
وقد يتوهم أن السفاهة أيضا من أقسام فساد العقل، ونظره إلى ما ارتكبه شاذ من المتأخرين في بحث النكاح (2) من جعلهم السفيه قسيما للمجنون، و إدخالهما تحت فساد العقل، وغفل عما فعله أكثر منهم، وأتقن (3) من جعله قسيما لفساد العقل، أو التصريح بكون السفيه بالغا عاقلا، كما في الروضة و شرح القواعد للمحقق الشيخ علي (4).
وإن كان نظره إلى أن خفة العقل لا تنفك عن فساد العقل، فهو خطأ، فإنا نرى أن أهل العرف واللغة طرا يطلقون خفيف العقل على أبناء التسع والعشر، ولا يطلقون فاسد العقل إلا على من كان في عقله نوع اختلال وفساد، ومن البديهيات أنهما غير الخفة والنقصان.
وإن كان نظره إلى عرف عوام (5) أهل هذا الزمان، حيث لا يطلقون السفيه على من لم ينقص عقله عن غالب أقرانه وأبناء سنه وإن خف بالنسبة إلى الرجال، فهو غير محقق جدا; لان ذلك إنما هو في بادئ النظر، وأما عند تدقيقه فيعلم أن الامر ليس كذلك; لأنهم تراهم طرا ينفون الرشد - الذي هو مقابل السفه - قطعا عن الشخص المذكور.