قليل العقل.
وإذا قيل له ذلك وكانت السفاهة هي خفة العقل وقلته، فلم لا يكون سفيها؟ بل نرى جميع أهل العرف يقولون: فلان ليس برشيد، أو لم يبلغ رشده، والرشد ضد السفاهة إجماعا.
نعم لما تداول في هذه الأزمنة عند العوام إطلاق كل من السفهاء والمجانين مرادفا للآخر، قد يتأمل الغافل في ذلك.
ولو صح ما ذكره لزم جواز تزويج بنت تسع سنين المساوية لأقرانها في العقل بدون الولي; ولو بلغت عشرين سنة وكانت على هذا القدر من العقل، بل ولو أكثر، إذا لم تكن مساوية لأقرانها من بنات عشرين سنة، احتاجت في التزويج إلى الولي; وفساده ظاهر.
ثم لهذا النقص أيضا مراتب غير محصورة وأنواع متكثرة: فمن ضعفاء العقول من يضحك كثيرا في غير موقعه، ومنهم من يتكلم بكلمات مستهجنة، ومنهم من ينظر بأنظار غير مرغوبة، وهكذا، ومنهم من يصرف المال في مصارف غير لائقة بحاله من غير درك عدم لياقته وفساده، وليست له ملكة إصلاح المال وحفظه، بل له ملكة التضييع والافساد; ومنهم من ليس له ملكة إصلاح العيال، ومنهم من ليس له ملكة إصلاح الأولاد، وهكذا. وكل ذلك لا يخلو عن خفة عقل ونقصان فيه وإن اختلفت آثاره.
وقد يكون له مرتبة من السفاهة ولكن يصلح المال أشد إصلاح، ويحفظه آكد حفظ، ويشعر به ما ورد في رواية عبد الله بن سليمان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إن الله سبحانه، جل وعز، وسع في أرزاق الحمقى ليعتبر العقلاء ويعلموا أن الدنيا ليس ينال ما فيها بعمل ولا حيلة) (1).
وجميع هؤلاء الأصناف داخلون تحت التكاليف الشرعية، ومتساوون مع