مما ذكر: حجية الخبر الغير المعلوم صدقه في الجملة، وأنه حكم الشارع بحجيته، وصدر حكمه المطاع بها.
فنقول: إن الذي حكم الشارع بحجيته ووجوب قبوله، إما مطلق الأخبار المروية عنهم، أو نوع خاص منها.
فإن كان الأول ثبت المطلوب.
وإن كان الثاني، فتلك الخصوصية ليست من الأمور الراجعة إلى متنها أو مدلولها، ولا من الأمور الخارجية التي لا مدخلية لها في مظنة صدق الخبر; لعدم مدخلية تلك الخصوصيات في حكم الشارع بالحجية وعدمه قطعا وإجماعا قطعيا بسيطا ومركبا; بل هذه الخصوصيات مما لا يصلح لكونها مناطا لحكم الشارع بالحجية.
بل الأدلة القطعية المتقدمة على حجية الخبر في الجملة تنفي مدخلية هذه الخصوصيات; لدلالتها على حجية الفاقد لما فرض من هذه الخصوصيات دخيلا في الحجية، كما يظهر بعد فرضها.
مثلا إن قلت: إنه يمكن أن يكون ذلك النوع الخاص هو الخبر المقرر أي الموافق للأصل، أو الناقل أي المخالف له.
نقول: انظر إلى أن طريقة العرف والعادة هو الاقتصار على أحد القسمين، أو أحد من العلماء الذين ثبت بعملهم الإجماع اقتصر على واحد منهما; أو الأخبار المحفوفة أو قرائنها كانت خاصة بأحدهما. وكذا إن قلت: إنه الخبر الموافق للاحتياط، أو المخالف له.
وبالجملة هذا أمر بديهي في غاية البداهة، فإن كان الحجة من الأخبار نوعا خاصا تكون خصوصيته راجعة إلى ما يتعلق بصدق الخبر من الأمور المتعلقة بالإسناد أو القرائن الخارجية، لا يمكن أن يكون تلك الخصوصية العلم بصدق الخبر; لأن المفروض كلامنا فيه، والثابت حجيته، وحكم الشارع بقبوله في الجملة: هو الخبر الغير المتواتر، ولا المحفوف بالقرائن المفيدة للعلم بالصدق.