ولا خصوصية العلم بحجيته; لأن هذه الخصوصية لا تختص بالخبر، بل مقتضى انتفاء التكليف فوق العلم، حجية كل ما علم حجيته، مع أن امتيازا من هذه الجهة للخبر ثابت قطعا، ووقع الإجماع على حجيته، وتواترت الأخبار عليها، وجرت العادة فيها.
فإن قيل: لعله لأجل تحقق الخبر المعلوم حجيته، ولذا حكم الإمام عليه السلام بحجيته.
قلنا: نعلم أن الأخبار في نفسها - مع قطع النظر عن جهة العلم بالحجية وخصوصيته - حجة واجبة القبول، وإلا لم يقرر الإمام عليه السلام عليه; لوجوب الردع عليه عما علم به ولم يكن مطابقا للواقع، وإلا لزم سد باب إرشاد الإمام عليه السلام لمن علم خلاف الواقع; لأنه مكلف بمقتضى علمه (1) حين العلم قطعا.
وأيضا معنى الحكم بالحجية ليس إلا حكم الإمام بوجوب الأخذ به، فلو لم يكن هذا الحكم مطابقا للواقع - مع قطع النظر عن جهة العلم به - لزم إغراؤه بالجهل، فيعلم أنه مطابق للواقع مع قطع النظر عن العلم به.
والملخص: أنه إن كان حكم المعصوم الثابت بالإجماع والأخبار المحفوفة وطريقة العلم لأجل أن كل ما علم حجيته فهو حجة، فلا يختص ذلك بالخبر.
وإن كان لأجل وقوع معلومية حجيته وتحققه كثيرا، لا مجرد الفرض والكلية، فذلك يوجب حجيته في الواقع أيضا.
فانحصرت الخصوصية بالظن بالصدق، فكل خبر مظنون الصدق يكون حجة.
فإن قيل: لعل تلك الخصوصية الظن بالصدق بطريق خاص.
قلنا أولا: إنه خلاف مقتضى أدلة حجية الخبر في الجملة، إذ كل خصوصية من خصوصيات الظن فرضت ترى أعمية الأدلة منها.