الأطهار أيضا.
أقول: في الاستدلال بها على المطلبين - أي مانعية الفسق عن قبول مطلق الخبر، وعدم حجية خبر مجهول الحال بل الفاسق من الأخبار المروية لنا - نظر.
أما الأول: فلأن مدلول الآية الشريفة ليس إلا وجوب التبين عند مجئ الفاسق بالنبأ; ومعنى التبين: طلب ظهور الحال. فالمعنى: أنه إن جاءكم فاسق بنبأ فتفحصوا عن حقيقة الحال، واطلبوا ظهوره وحقيقته.
وأما أن بعد الطلب والتفحص فما وظيفتكم، وما اللازم عليكم؟ فلا يظهر من الآية.
وتوضيحه: أن بعد الطلب والفحص، فلا يخلو الحال من خمسة: إما يظهر كذب النبأ، أو يظن، أو يتساوى الأمران ولا تظهر الحقيقة، أو يظن الصدق، أو يعلم.
ولا شك في وجوب الرد على الأول، ووجوب القبول على الأخير، لا بمعنى أنه يظهر من الآية، بل الحكمان معلومان عن الخارج بالإجماع وغيره.
وأما الوظيفة في الصور الثلاث الاخر، فلا تستفاد من الآية أصلا، ولا دلالة لها عليها بوجه من الوجوه، فلا يثبت منها شئ. بل غاية ما يستفاد: عدم جواز قبول خبر الفاسق بلا رؤية وطلب بيان، وأما بعد التروي وطلب الحال، فلا يعلم الحكم منها.
وقد يتوهم استفادة الحكم من التعليل بقوله سبحانه: * (أن تصيبوا قوما بجهالة) *.
وفيه أولا: أنه ليس كل نبأ وخبر مما يجري فيه العلة; لأنها إنما تكون في مقام يتضمن إصابة قوم والإغارة عليهم، وهو لا يكون إلا في نادر من الوقائع المماثلة لمورد نزول الآية الكريمة، مع أنه مع عدم ظهور الحال لا تحصل الندامة.
وأما الثاني: فلما ذكر أيضا; ولأن من البديهيات أن الأمر بشئ وطلبه إنما يكون