بالنسبة إلينا، فيجب العمل فيه بمقتضى الجميع، وإجراء الكل يؤدي غالبا إلى الدور الباطل، أو التسلسل.
فتعين الثالث، وهو الموافق للتحقيق، كما لا يخفى على المحقق الدقيق.
ثم توضيح ذلك بالمثال: أنه إذا ورد خبر: أن الالتفات عن القبلة يقطع الصلاة، واخر: أن الالتفات لا يقطعها، وثالث: أن الالتفات بكل البدن يقطعها، ورابع: أن الالتفات إلى غير الخلف لا يقطعها.
فالأول يعارض الثاني بالتباين، والرابع بالعموم المطلق، ولا يعارض الثالث، والثاني يعارض الثالث بالعموم المطلق، ولا يعارض الرابع، والثالث يعارض الرابع بالعموم من وجه، والمفروض الاجماع على انتفاء التخيير في المسألة.
فعلى الوجه الأول: يحكم لتعارض الأولين بالرجوع إلى الأصل، وهو عدم القطع، ثم يحكم لتعارض الأول والرابع بعدم القطع في غير الخلف، ثم لتعارض الثاني والثالث بالقطع مع الالتفات بالكل، ثم لتعارض الثالث والرابع بالرجوع إلى الأصل في الالتفات بالكل إلى غير الخلف، وبعدم القطع في الالتفات بغير الكل إلى غير الخلف، وبالقطع في الالتفات بالكل إلى الخلف.
وبهذا يتم إجراء القواعد في هذه الأربعة، ومع ذلك يبقى حاصل تعارض الأول والرابع معارضا لحاصل تعارض الثاني والثالث بالعموم من وجه، وذلك أيضا يحتاج إلى أعمال القواعد، ومحصله بعينه محصل تعارض الثالث والرابع، فيحكم بالقطع في الالتفات بالكل إلى الخلف، وبعدمه في الالتفات بغير الكل إلى غير الخلف ويرجع في البواقي إلى الأصل وعلى الوجه الثاني: لابد من تخصيص الأول بالرابع أولا، ثم معارضته مع الثاني بعد تخصيص الثاني بالثالث أيضا، وكل ذلك بعد ملاحظة تعارض الثالث والرابع، وإجراء القاعدة فيهما، ولابد من إجراء القاعدة فيهما أيضا، بعد ملاحظة تعارض كل منهما (مع الأولين بشرط أن يكون ملاحظة تعارض الأولين