لا يخفى على المتتبع في موارد النجاسات، والشهادات والمنازعات، والدعاوي ونحوها ففي صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سئل عن رجل جمال استكري منه إبل، وبعث معه زيت إلى أرض، فزعم أن بعض الزقاق انخرق فاهراق ما فيه، فقال عليه السلام: (إنه إن شاء أخذ الزيت) وقال: (إنه انخرق، ولكنه لا يصدق إلا ببينة عادلة) 1 يعني: أن الجمال يمكن أن يأخذ الزيت، ويقول انخرق الزق، فلا يصدق قوله الا مع البينة، وهذا صريح في عدم حمل قوله على الصدق.
وفي موثقة سماعة، قال: سألته عن رجل تزوج أمة، أو تمتع بها، فحدثه ثقة أو غير ثقة، فقال: أن هذه امرأتي وليست له بينة، قال: (إن كان ثقة فلا يقربها، وإن كان غير ثقة فلا يقبل منه) 2 وهذا مخالف لكلية القاعدة وكذا موثقة عمار بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام، إنه سأل عن الرجل يأتي بالشراب، فيقول: هذا مطبوخ على الثلث، فقال: (إن كان مسلما ورعا مأمونا فلا بأس ان يشرب) 3 إلى غير ذلك.
ويكفيك في عدم الكلية ما ترى من اشتراطهم في الشهادة: العدالة والتعدد وانضمام الحلف، والاكتفاء في سقوط الدعوى عن ورثة الميت بيمين نفي العلم، والحكم بسقوطها مع عدم دعوى العلم على الوارث، وبلزوم الحلف فيما يدعيه أحد مما هو موقوف على قصده، ونحو ذلك.
ولا يعلم في الموارد التي يكون الحكم فيها موافقا للقاعدة، أنه لأجل ما يقتضيه تلك القاعدة، بل لعلة إنما هو لخصوص المورد، أو علة أخرى، كما هو