المقصر في الجزئيات، كالوقت، والقبلة ونحوها، أو الكليات، كالأحكام الشرعية للعلماء (١). انتهى.
أقول: لا كلام لنا هنا فيما ذكره لتحقيق نفي العسر والحرج، وإنما هو يأتي في عائدة أخرى.
وإنما الكلام هنا معه فيما ذكره لدفع الإشكال عن نفي الضرر، فإن الكلام فيه: في أصل الإشكال، وفي دفعه معا.
أما الأول: فلما ذكرنا سابقا، من أن صدق الضرر عرفا إنما هو إذا كان النقصان مما لم يثبت بإزائه عوض مقصود للعقلاء يساويه مطلقا. وأما مع ثبوت ذلك بإزائه، فلا يصدق والضرر أصلا، سيما إذا كان ما بإزائه أضعافا كثيرة له، و خيرا منه بكثير.
ولا شك أن كل ما أمر به من التكاليف الموجبة لنقص في المال، من الخمس، والزكاة، والحج، والصدقة، والإنفاق العيال، و أمثالها، مما يثبت بإزائها أضعاف كثيرة في الآخرة، و ﴿من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه﴾ (٢) و (لا ينفقون نفقه صغيرة ولا كبيرة) (٢) الآية و ﴿مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء﴾ (4). بل في كثير منها وعد العوض في الدنيا أيضا، وكيف يكون مثل ذلك ضررا إلا عند من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.
ولو قال رجل يظن صدق وعده: إن من أعطى عبدي شيئا أعوضه ضعفه، فأعطى رجل عبده، لا يقال: إنه أضر بنفسه، فكيف في حق من لا خلف لوعده،