ولا كذب في قوله؟!
نعم إنما يصح الاستشكال: فيما لم يكن بإزائه ثواب دنيوي أو أخروي، ولم يكن لجبر نقص آخر، كالقصاص ودية الجنايات و أمثالها لو وجد مثله في الشريعة، كضرب الدية على العاقلة على ما يتوهم.
فإن وجد مثله، فلا إشكال أيضا، لأنه يكون من باب التخصيص، فإنه كما لا إشكال في تخصيص سائر العمومات، حتى قيل: ما من عام إلا وقد خص، فكذا هنا.
وهذا وإن كان جاريا في جميع التكاليف، مثل الزكاة والخمس والإنفاق و أمثالها لو قلنا بكونها ضررا، ولكن هذا التخصيص الكثير من هذا التأكيد في نفي الضرر والضرار، بعيد غاية البعد.
وأما الثاني، فلأنه على ما ذكره في دفع الإشكال: تكون قاعدة نفي الضرر من باب أصل البراءة، دون الدليل، فلا تعارض دليلا أصلا، إذ يكون نفي الضرر مقيدا بغير التكاليف الثابتة، ويكون موضوع الضرر المنفي: ما هو زائد عن أصل طبايع التكاليف، فكل تكليف ثبت بالخصوص، أو العموم، أو الإطلاق، أو التقييد، يكون خارجا عنه، فكل ما كان عليه دليل عام، أو خاص، لا تعارضه قاعدة نفي الضرر.
وهذا مناف لاستدلالات الفقهاء، بل لما صرح به هذا القائل.
إلا أن يقال: إن مراده ليس أن نفي الضرر مقيد في نفسه بهذا القيد العام، حتى يكون من قبيل كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي، و لا تكليف إلا بعد البيان، بل مراده: أنه بعد ملاحظة عمومات التكاليف و خصوصاتها، وملاحظة معارضاتها (1) مع قاعدة نفي الضرر، وإعمال القواعد الترجيحية، وإخراج ما ثبت ترجيحه من التكاليف الضارة، يقيد حديث نفي