في المال عموم من وجه، فيكون أحدهما مخصصا قطعا، ولكنه لما لم يكن معلوما، يحصل التردد في عموم كل منهما وشموله للمورد، ومقتضى عمومات نفي الضرر وإن كان نفي ذلك أيضا، ولكن مقتضى عمومات جواز التصرف في المال، خلافه.
وكلام العلامة في التحرير أعم من أن يكون تصرف الرجل في ملكه لدفع الضرر عن نفسه، أو لجلب النفع، فحمله على الأول والحكم بعدم المنافاة لكون هذا الضرر أيضا منفيا، لا وجه له، بل يمكن أن يكون كلامه مبينا على ترجيح عمومات التصرف، أو إسقاط المتعارضين والرجوع إلى أصالة جواز التصرف، أو غير ذلك.
وقوله: نعم لو أمكن دفع الضرر عنهما جميعا لزم العمل عليه، هذا صحيح إذا لم يكن ما يرفع به الضرر عنهما مما كان مخالفا لدليل آخر غير الأصل على ما مر، ومع ذلك إذا كان ما يرفع به الضرر متعددا، يلزم الحكم بالتخيير بين جميع ما ينتفي به الضرر.
وقوله: فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد الجمع بين الحقين، الظاهر أنه تفريع على قوله: نعم لو أمكن دفع الضرر. وعلى هذا فكان اللازم أن يأمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالاستيذان أو البيع، لأنه مقتضى لزوم العمل بما يرفع الضرر عنهما دون القلع، لأنه ضرر على سمرة.
وقوله: نعم لو كان التصرف بقصد الإضرار إلى آخره، فهو كذلك، والإجماع يدل عليه، والأخبار والآيات الواردة في موارد مختلفة تثبته (1).
ومنه يظهر: أن هذا التصرف - أي بقصد الإضرار - خارج عن عمومات جواز التصرف في الملك، بل مطلق ما كان متعلقا بهذا القصد، وكان المقصود منه الإضرار، يكون حراما.