" الناس مسلطون على أموالهم " (1) والتعارض بالعموم من وجه، فقد ترجح أدلة نفي الضرر بما مر من المعاضدات، وقد يرجح الثاني.
وقيل: لو استلزم التصرف في ملكه تضرر الغير، فهل هذا من الضرر المنفي أم لا؟ مقتضى العمومات ذلك، وما ذكره الأصحاب مثل العلامة في التحرير، في كتاب إحياء الموات، حيث قال: للرجل أن يتصرف في ملكه وإن استضر جاره (2)، إلى آخر ما قال، فالظاهر: أنه لا ينافي ما ذكرنا، فإن المراد من نفي الضرر: نفيه رأسا، فلا يكفي في نفيه انتفاؤه من الخارج (3) إذا تضرر المالك أيضا بعدم التصرف، بل هو أولى بالمراعاة.
نعم لو أمكن دفع الضرر عنهما جميعا، لزم العمل عليه، فترك إضرار الجار لم يعلم وجوبه مع تضرر نفسه، فلاحظ الروايات الواردة في حكاية نخلة سمرة، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد الجمع بين الحقين، بأن يستأذن سمرة في الدخول، أو يبيع نخلته بأعلى القيم، أو نحو ذلك، ولم يرض، فحكم بقلعها ورميها. فإن تصرف سمرة كان في ملكه، ولكن بحيث يتضرر الأنصاري.
فظهر: أن التصرف في ملك نفسه إذا أوجب تضرر الجار مع إمكان رفعه بحيث لا يحصل ضرر له، منفى حرام.
نعم لو كان التصرف بقصد الإضرار، فهو حرام، وإن لم يمكنه رفعه عن جاره بنحو آخر، فهو أحد محتملات حكاية سمرة (4). انتهى.
أقول: وجه التردد في كون التصرف في ملكه، المستلزم لضرر الغير من الضرر المنفي أم لا: أن النسبة بين دليل نفي الضرر، وعمومات جواز التصرف