على أن كل لفظ حقيقة مطلقا، لكان ذلك معارضا مع قرائن المجازية.
وإن كان مطلقا فهو الدليل، نحو قوله: " لا ضرر ولا ضرار ".
فإن قيل: هو أيضا مقيدة لا محالة بقيد لولا الدليل على خلافه.
قلنا: نعم، ولكن كل ما يعارضه أيضا مقيد بذلك، فلا يمنع هذا القيد من التعارض.
البحث السادس:
قد أشرنا فيما سبق إلى أن نفي الضرر والضرار إنما يصلح دليلا لنفي الحكم إذا كان موجبا للضرر، وأما إثبات حكم وتعيينه فلا، بل التعيين محتاج إلى دليل آخر.
ومن هذا يظهر فساد ما ارتكبه بعضهم (1)، من الحكم بضمان الضار والمتلف بحديث نفي الضرار، فإن عدم كون ما ارتكبه حكما شرعيا لا يدل على الضمان، بل ولا على الجبران مطلقا، كما قيل (2).
نعم لو قيل: إن معنى الحديث: لا ضرر بلا جبران، لدل على تحقق الجبران، وهو أيضا لا يثبت ضمان الضار، لإمكان الجبران من بيت المال، أو في الآخرة، أو في الدنيا من جانب الله سبحانه، بأن يفعل ما ينتفع من استضر به بقدر ما استضر أو أزيد.
نعم: إذا كان حكم بحيث يكون لولاه لحصل الضرر، أي كان عدمه موجبا للضرر مطلقا، وانحصر انتفاء الضرر بثبوت الحكم الفلاني، يحكم بثبوته بدليل نفي الضرر. ولكن الثبوت حينئذ أيضا ليس بنفي الضرر خاصة، بل به و بالانحصار بذلك. وهذا موجب للتعيين في غير هذا المورد أيضا، كما إذا كان