مانعا وعدم كون اليقظة شرطا ومثل ذلك، في غاية الصعوبة، لأن النائم والساهي والمجنون والغافل كلهم متساو في عدم جواز تعلق التكليف عليهم، فإذا لم يثبت التكليف وتساووا في ذلك فكيف يقال: فات من هذا لأنه أريد منه، ولم يفت من ذلك لأنه لم يرد منه؟
اللهم إلا أن يجعل الإرادة غير الطلب، كما ذهب إليه الأشاعرة، ولكنه كلام لا يفهمه إلا الأشاعرة، والبديهة يحكم بفساده، وقد أبطلناه في تعليقاتنا على التهذيب بما لا مزيد عليه.
فلا بد من الرجوع في فهم ذلك الأخبار إلى اللفظ والفهم العرفي، فما يصدق عليها أنه فات فيجب قضاؤها، وإلا فلا، فحينئذ يمكن أن يقال للنائم والساهي فات صلاتهما، كما هو مورد كثير من الأخبار، بخلاف المجنون والصغير.
وأما الحائض ففيه إشكال، ويمكن القول بصدق الفوت، ولكنه مخصص في الصلاة، بشهادة وجوب قضاء الصوم، ويمكن القول بعدم الفوات، فيحتاج اخراج الصوم إلى دليل.
فإن قلت: لا مدخلية لفهم العرف في ذلك، فإن ذلك أمر شرعي، فإنه موقوف على معرفة أنه مراد من هذا دون هذا، ففات من الأول دون الثاني.
قلت: لا منافاة بين كون الشئ من الأمور الشرعية وكون مطلوبيته وعدم مطلوبيته منسوبا إلى الشرع والرجوع إلى معرفة فوته إلى العرف.
وبيان ذلك: أن من المحقق المبين عند العقل والعرف والعادة أن المدار في التكاليف على الظن، فيحكم العقل والعرف بحسن تهيئة المسافر للسفر وأخذ الزاد والحذر والسلاح مع أنه ليس له علم ببقائه في ذلك الزمان وملاقاته للعدو وكذلك التهيؤ للسبع عند رؤيته وأخذ السلاح لدفعه مع أنه لا علم له ببقائه حتى يلاقيه لاحتمال هلاكه قبل وصوله إليه، وكذلك في الأحكام الشرعية يجب المسافرة للحج قبل الموسم مع أنه لا علم له بإدراكه شهر ذي الحجة، بل ينوي صلاة الظهر بنية الوجوب مع عدم العلم بالسلامة إلى آخرها مع شروطها، فكل مكلف بالغ