وهو جالس ثم سجد سجدتين ليس فيهما قراءة ولا ركوع، ثم سلم، وكان يقول:
هما المرغمتان (1).
ولكن في الاستدلال إشكال، مع أنها أيضا أعم من المدعى.
واعلم أن الذي يظهر من كثير من الأخبار وجوب البدار بهما بعد الصلاة قبل فعل المنافي، يستفاد ذلك من كلمة " الفاء " في كثير منها وتقييدهما بقبل التكلم، ويؤكد ذلك ما دل على تقديمهما على التسليم أيضا.
ولو نسيهما يأتي بهما متى ذكرهما لموثقة عمار عن الصادق (عليه السلام) قال - في جملة مسائلها -: وعن الرجل إذا سها في الصلاة فينسى أن يسجد سجدتي السهو، قال: يسجدهما متى ما ذكر (2).
وربما يستدل على ذلك بالإطلاقات. وفيه إشكال إذ عرفت مما ذكرنا أن الذي يظهر من الأدلة: إما فورية السجدتين، أو اشتراطهما بالوقوع قبل المنافي، وعلى أي تقدير المطلوب هو المقيد، والذي حققناه في الأصول هو أن الفوري بمنزلة الموقت، وأن المطلق لا ينوب عن المقيد، والتمسك بأن الميسور لا يسقط بالمعسور وبالاستصحاب ونحو ذلك لا يجدي نفعا، سيما في الأجزاء العقلية، ولا فرق فيما ثبت القيد من الخارج والداخل أيضا.
فلا يمكن التشبث بالمطلقات بعد امتناع المقيد، فالأولى التمسك بالموثقة، فإنها حجة ومعتضدة بعملهم، اللهم إلا أن يقال: غاية ما ثبت من الأدلة هو الاشتراط في حال التذكر والاختيار، فلم يثبت التضيق في حالة السهو والاضطرار، فيبقى المطلقات بحالها.
وفيه أيضا إشكال، نعم روى الشيخ عن عمار في الموثق في ذيل مسائله عن الرجل يسهو في صلاته فلا يذكر ذلك حتى يصلي الفجر كيف يصنع؟ قال: لا يسجد سجدتي السهو حتى تطلع الشمس وتذهب شعاعها (3).